٣٧١٨ - قالت: استأذن رهط من اليهود على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا: السام عليكم، فقلت: بل عليكم السام واللعنة! فقال: يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله، فقلت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: قد قلت: "وعليكم".
قلت: رواه البخاري في استتابة المرتدين، ومسلم والترمذي كلاهما في الاستئذان والنسائيُّ في التفسير، أربعتهم من حديث الزهري عن عروة عن عائشة. (١)
قال أصحابنا وجماهير العلماء: إذا سلم أهل الكفر علينا، وجب الرد، والمراد بالخيار بين أن يقول: وعليكم، أو: عليكم، بالواو أو بحذفها.
٣٧١٩ - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مر بمجلس فيه أخلاط من المسلمين، والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، فسلّم عليهم.
قلت: هذه قطعة من حديث طويل رواه الشيخان: البخاري في مواضع منها في الاستئذان من حديث عروة بهذا اللفظ وفي التفسير وفي الأدب، ومسلم في المغازي، والنسائيُّ في الطب ثلاثتهم عن أسامة بن زيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ركب حمارًا عليه إكاف تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءه أسامة ابن زيد، وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج، وذلك قبل وقعة بدر، حتى مرّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان، واليهود، وفيهم عبد الله بن أُبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة، فخمّر عبد الله بن أُبي أنفه بردائه، ثمَّ قال: لا تغبِّروا علينا، فسلم عليهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، ثمَّ وقف فنزل، فدعاهم إلى الله عَزَّ وَجَلَّ وقرأ عليهم القرآن، فقال عبد الله بن أُبي: أيها المرء! لا أحسن من هذا، إن كان ما تقول حقًّا، فلا تؤذنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك، فاستبّ المسلمون والمشركون، حتى هموا أن يتواثبوا، فلم يزل النبي -صلى الله عليه وسلم- يخفّضهم، ثمَّ ركب دابته حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال: أي سعد! ألم تسمع ما قال أبو حباب -يريد عبد الله بن أُبي-؟ قال كذا وكذا، قال: اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذي أعطاك، ولقد أصبح
(١) أخرجه البخاري (٦٩٢٧)، ومسلم (٢١٦٥)، والترمذي (٢٧٠١)، والنسائيُّ في الكبرى (١١٥٧٢).