للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

أهل هذه البحيرة أن يتوجوه، فيعصِّبوه بالعصابة، فلما ردّ الله ذلك بالحق الذي أعطاكه، شرق بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-. (١)

وأخرج الترمذي منه في السلام هذا الطرف الذي أخرجه في المصابيح لحاجته إليه، وأخذ أصحابنا من هذا الحديث أن السنة إذا مرّ على جماعة فيهم مسلمون وكفار أن يسلم عليهم ويقصد المسلمين أو المسلم وإذا كتب كتابًا إلي مشرك وكتب فيه سلامًا أو نحوه فينبغي أن يكتب ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي سفيان في قصة هرقل أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتب: "من محمَّد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى" مثله الظلمة والمبتدعة ومن اقترف ذنبًا عظيمًا ولم يتب منه فينبغي أن لا يسلم عليهم، ولا يرد عليهم السلام، كذا قاله البخاري وغيره من العلماء.

واحتج البخاري بقصة كعب بن مالك حين تخلف عن غزوة تبوك هو ورفيقاه قال: ونهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن كلامنا، قال: وكنت آتي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسلم عليه، فأقول هل حرّك شفتيه برد السلام أم لا، قال البخاري: وقال عبد الله بن عمر: ولا تسلموا على شربة الخمر، انتهى (٢).

فلو اضطر إلى السلام على الظلمة بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة إن لم يسلم، سلم عليهم، قال الإمام أبو بكر بن عربي: قال أكثر العلماء: يسلم وينوي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى المعنى: "الله عليكم رقيب" (٣).


(١) أخرجه البخاري في الاستئذان (٦٢٥٤)، وفي التفسير (٤٥٦٦)، وفي الأدب (٦٢٠٧)، ومسلم (١٧٩٨)، والنسائيُّ في الكبرى (٧٥٠٢)، والترمذي (٢٧٠٢). وأخرجه أحمد (٥/ ٢٠٣)، وابن حبَّان في صحيحه (٦٥٨١)، والبيهقيُّ في دلائل النبوة (٢/ ٥٧٦)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٢٣٠).
(٢) انظر: الفتوحات الربانية على الأذكار النووية (٥/ ٣٥٢ - ٣٥٣).
(٣) انظر: المصدر السابق (٥/ ٣٥٤).