والعي: مشتق من الإعياء وهو العجز عن السير من التعب، والمراد به هنا: العجز عن الإبانة في المنطق، ولهذا قوبل بالبيان.
والبذاء: ممدود مهموز، الفحش، ويقال: ضد الحياء، ولهذا قوبل بالحياء والمدح والذم ليس متعلقًا بحقائق هذه الصفات لأنها ليست مكتسبة بآثارها كالإمساك عن الفحش قولًا وفعلًا، والبيان المراد منه التعمق في النطق والتفاصح وإظهار المتقدم فيه على الناس، وليس كل البيان مذمومًا بل المذموم ما ذكرنا منه.
٣٨٦٦ - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إنّ أحبكم إليّ، وأقربكم مني يوم القيامة: أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليّ، وأبعدكم مني: مساوئُكم أخلاقًا، الثرثارون المتشدّقون المتفيهقون".
قلت: رواه الترمذي في أواخر أبواب البر من حديث المبارك بن فضالة (١) قال: حدثني عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن المنكدر عن جابر، وزاد فيه: قالوا يا رسول الله: قد علمنا الثرثارون والمتشدقون، فما المتفيهقون؟ قال:"المتكبرون".
قال أبو عيسى: وفي الباب عن أبي هريرة، وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، ورواه بعضهم عن المبارك بن فضالة عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يذكر فيه عن عبد ربه ابن سعيد، قال أبو عيسى: وهذا أصح انتهى كلام الترمذي.
ورجال الحديث ليس فيهم إلا من روى له الشيخان، أو أحدهما، إلا المبارك بن فضالة فإنه لم يرو له واحد منهما، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه، ووثقه عفان وضعفه النسائي وهذا الحديث رواه المصنف في شرح السنة بسنده إلى أبي ثعلبة الخشني، وهو في الترمذي عن جابر كما بينته.
فائدة: ذكر المزي في التهذيب مبارك بن فضالة، وعدد من روى عنه فذكر عبد ربه بن سعيد، وعلم عليه علامة الترمذي، وذكر محمد بن المنكدر ولم يعلم عليه الترمذي،