وبسط الرزق: توسعته وكثرته. قوله - صلى الله عليه وسلم -: ينسأ، مهموز أي يؤخر، يقال: نسأته أي أخرته، وكذلك أنسأته، فعلت وافتعلت بمعنى. والأثر: الأجل، سمي بذلك لأنه يتبع العمر، وأصله من أثر مشيه في الأرض، فإذا مات لا يبقى لقدمه أثر، وهذا محمول عند بعضهم على أن المراد به البركة في عمره، والتوفيق للطاعات، وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضياع في غير ذلك، وقيل: هذا بالنسبة إلى ما يظهر للملائكة في اللوح المحفوظ، ونحو ذلك فيظهر لهم أن في اللوح أن عمره ستون سنة إلا أن يصل رحمه فإن وصلها زيد له أربعون، وقد علم الله ما سيفعل من ذلك، وهو من معنى قوله تعالى:{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} وبالنسبة إلى علم الله وما قدره، لا زيادة بل مستحيلة، وبالنسبة إلى ما يظهر للمخلوقين تتصور الزيادة وهو مراد الحديث، وقيل: إن المراد بقاء ذكره الجميل بعده فكأنه لم يمت، وهو ضعيف أو باطل.
وصلة الرحم: درجات بعضها أرفع من بعض فأدناها ترك المهاجرة وأدنى صلتها بالسلام، وهذا بحسب القدرة عليها والحاجة إليها، فمنها: ما يتعين ويلزم، ومنها: ما يستحب ويرغب فيه، وليس من لم يبلغ أقصى الصلات يسمى قاطعًا، ولا من قصر عما ينبغي له وتعدى عليه يسمى واصلًا.
واختلفوا في الرحم التي تجب صلتها، فقيل: كل رحم محرم، فلا يجب في بني الأعمام والعمات وبني الأخوال والخالات، واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها في النكاح، وجواز ذلك في بنات الأعمام والأخوال، وقيل: عام في كل ذي رحم محرم، كان أو غير محرم، وارثًا كان أو غير وارث، قال النوويّ: وهذا أصح (١).
٣٩٦٣ - قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "خلق الله الخلق، فلما فرغ منه، قامت الرحم، فأخذت بحقوي الرحمن، فقال: مَهْ؟ قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك"
(١) انظر هذا الكلام في المنهاج للنووي (١٦/ ١٦٩ - ١٧١).