للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

والخضر: بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين عند الجمهور وضبطه بعضهم الخضر بضم الخاء وفتح الضاد.

قال في النهاية (١): وهو نوع من البقول ليس في أحرارها وجيّدها.

وثلطت: هو بفتح الثاء المثلثة أي ألقت الرجيع. الثلط وهو الرجيع الرقيق وفي شرح السنة نقلًا عن الأصمعي الحبط هو أن تأكل الدابة فتكثر حتى تنتفخ لذلك بطنها وتمرض، قال أبو عبيد: قوله: أو يلم بمعنى يقرب، من ذلك قال الأزهري (٢): فيه مثلان: ضرب أحدهما للمفرط في جمع الدنيا، وضرب الآخر للمقتصر في أخذها والانتفاع بها.

فأما قوله: وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطًا فهو مثل للمفرط الذي يأخذها بغير حق، وذلك أن الربيع ينبت أحرار البقول فتستكثر الماشية منه لاستطابتها إياه، حتى تنتفخ بطونها، عند مجاوزتها حد الاحتمال، فتنشق أمعاؤها من ذلك فتهلك، أو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا بأذى الناس له وحسدهم إياه، وغير ذلك من أنواع الأذى.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: إلا آكلة الخضِر: فإنه مثل للمقتصد، وذلك أن الخضر ليس من أحرار البقول التي ترعاها الماشية بعد يبس البقول حيث لا تجد سواها، وتسميها العرب الجنبة فلا ترى الماشية تكثر من أكلها ولا تستَمْرِئها، فضرب آكلة الخضر من المواشي مثلًا لمن يقتصد في أخذ الدنيا وجمعها، فلا يحمله الحرص على أخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها، كما نجت آكلة الخضر، ألا تراه - صلى الله عليه وسلم - قال: آكلت حتى امتدت خاصرتاها، استقبلت عين الشمس، فثلطت وبالت، أراد - صلى الله عليه وسلم - أنها إذا شبعت منها برَكت مستقبلة


(١) النهاية (٢/ ٤٠).
(٢) انظر: تهذيب اللغة للأزهري (٤/ ٣٩٥ - ٣٩٧)، وشرح الأزهري هذا الحديث، قال: وإنما تقصّيت رواية هذا الخبر؛ لأنه إذا بتر استغلق معناه، وانظر كذلك (٧/ ١٠٠).