للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بعضهم: معنى تعرض الفتنة على القلوب: تُظْهر على القلوب أي تظهر لها فتنة بعد أخرى.

وقوله: كالحصير، أي كما ينسج الحصير عودًا عودًا، قال القاضي: وعلى هذا تترجح رواية ضم العين، وذلك أن ناسج الحصير عند العرب كلما صنع عودًا أخذ آخر، ونسجه، فشبه عرض الفتن على القلوب واحدة بعد أخرى بعرض قضبان الحصير على صانعها واحدًا بعد واحد.

قال القاضي (١): وهذا معنى الحديث عندي وهو الذي يدل عليه سياق لفظه وصحة تشبيهه.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: فأي قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكت فيه نكتة بيضاء، معنى أشربها دخلت فيه دخولًا تامًّا، وألزمها وحلت منه محل الشراب، ومنه قوله تعالى: {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} أي: حب العجل، ومعنى نكت فيه نكتة: نقط فيه نقطة وهو بالتاء المثناة في آخره. ومعنى أنكرها: ردها.

وقوله - صلى الله عليه وسلم -: حتى تصير على قلبين على أبيض مثل الصفا فلا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض والآخر أسود مربادًا.

قال عياض: ليس تشبيهه بالصفا بيانًا لبياضه لكن بصفة أخرى وهي شدته على عقد الإيمان وسلامته من الخلل، وأن الفتن لم تلصق به ولم تؤثر فيه كالصفا وهو الحجر الأملس الذي لا يعلق به شيء.

وأما مربادًا: فكذا هو في الأصول، وهو منصوب على الحال، وذكر عياض (٢) خلافًا في ضبطه، وأن منهم من ضبطه كذلك، ومنهم من رواه مربدّ مثل مسود ومحمر وكذا ذكره أبو عبيد والهروي (٣) والدال مشددة على القولين، وقد فسره في الحديث.


(١) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥٣).
(٢) انظر: المصدر السابق (١/ ٤٥٤).
(٣) انظر: الغريبين للهروي (٢/ ٣٨٠ - ٣٨١).