للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

فيدق على حده بحجر، ثم لينج إن استطاع النجاء، اللهم هل بلغت؟ "، ثلاثًا، فقال رجل: يا رسول الله أرأيت إن أكرهت، حتى يُنطلق بي إلى إحد الصفين، فضربني رجل بسيفه، أو يجيء سهم فيقتلني؟ فقال: "يبوء بإثمك وإثمه, فيكون من إصحاب النار".

قلت: رواها مسلم في الفتن من حديث أبي بكرة (١) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ستكون فتن الإثم، تكون فق الإثم، تكون فتن: القاعد فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي إليها، ألا فإذا وقعت فمن كان له إبل ... " وساقه إلى آخره، ولم يخرجه البخاري من حديث أبي بكرة بهذا اللفظ.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: يعمد إلى سيفه فيدق على حده بحجر، قيل: المراد كسر السيف حقيقة على ظاهر الحديث، وقيل: مجاز، والمراد: ترك القتال، وهذا الحديث وما أشبهه قد تمسك به من رأي ترك القتال في الفتنة بكل حال، وقد اختلف العلماء في ذلك، فقالت طائفة: لا يقاتل فيه المسلمين وإن دخلوا عليه في بيته وطلبوا قتله، ولا يجوز له المدافعة لأن الطالب متأول، وهذا قول أبي بكرة وغيره، وقيل: لا يجوز الدخول فيها لكن إذا دخلوا عليه دفع عن نفسه، وقال معظم علماء الإِسلام: يجب نصرة الحق، والقيام مع أهله ومقاتلة الباغي قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ}، وتأولوا الحديث على ما إذا لم يظهر الحق، أو على طائفتين ظالمتين.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: يبوء بإثمه وإثمك، أي يلزمه ويرجع عليه، ويحمله أي يبوء الذي أكرهك بإثمه في إكراهك وفي دخوله في الفتنة، وبإثمك في قتلك وغيره، ويكون من أصحاب النار أي مستحقًا لها، وفي هذا الحديث رفع الإثم عن المكره على الحضور هناك، وأما القتل فلا يباح بالإكراه بل يأثم المكره عليه المأمور به بالإجماع، وقد نقل بعضهم فيه


(١) أخرجه مسلم (٢٨٨٦) (٢٨٨٧).