للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب أدنني من هذه الشجرة، لأشرب من مائها، وأستظل بظلها، فيقول: يا ابن آدم ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، فيقول: لعلّي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده ألا يسأله غيرها، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأوليين، فيقول: أي رب أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها، وأشرب من مائها، فيقول: يا ابن آدم! ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى يا رب، هذه لا أسألك غيرها، وربّه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها سمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها؟ قال: أي رب أتستهزى مني وأنت رب العالمين؟ ".

فضحك ابن مسعود، فقالوا: مم تضحك؟ قال: هكذا ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك رب العالمين، حين قال: أتستهزىء مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزىء منك، ولكني على ما أشاء قدير".

قلت: هذا الحديث رواه مسلم في الإيمان (١) وذكره الحميدي (٢) فيما انفرد به عن البخاري، وكذا عزاه عبد الحق لمسلم، وقال: لم يخرج البخاري هذا الحديث وأخرج نحو هذه القصة من حديث أبي هريرة كما خرجه مسلم من حديثه، ولم يذكر: الشجرة، وأراد عبد الحق حديث أبي هريرة الذي قبل هذا.

ومعنى: يكبو أي يسقط على وجهه، وتسفعه: بفتح التاء وإسكان السين المهملة وفتح الفاء، ومعناه: تضرب وجهه وتسوده وتؤثر فيه أثرًا.

وما يصريني منك: هو بفتح الياء وإسكان الصاد المهملة، ومعناه: يقطع مسئلتك مني.


(١) أخرجه مسلم (١٨٧).
(٢) انظر: الجمع بين الصحيحين للحميدي (١/ ٢٣٩ - ٢٤١ رقم: ٣١٠).