وأما سؤال إبراهيم: فذكر العلماء في سببه [أوجها:] أظهرها: على ما اختاره النووي وجماعة أنه أراد الطمأنينة بعلم كيفية الإحياء مشاهدة بعد العلم بها استدلالًا، والثاني: أنه أراد اختيار منزلته عند ربه في إجابة دعائه وعلى هذا معنى قوله: {أو لم تؤمن} أي تصدق بعظم منزلتك عندي، واصطفائك وخلتك.
والثالث: سؤال زيادة اليقين وإن لم يكن الأول شكًّا، فسأل الترقي من علم اليقين إلى عين اليقين.
قوله: يرحم الله لوطًا لقد كان يأوي إلى ركن شديد، الركن الشديد: هو الله تعالى فإنه أشد الأركان وأقواها ومعنى الحديث: أن لوطًا لما خاف على أضيافه، ولم يكن له عشيرة تمنعهم من الظالمين، ضاق ذَرْعُه واشتد حزنه فقال في ذلك الحال: لو أن لي [بكم] قوة في الدفع بنفسي، أو آوي إلى عشيرة تمنع لمنعتكم، وقصد لوط - صلى الله عليه وسلم - إظهار العذر عند أضيافه، ولم يكن ذلك إعراضًا منه - صلى الله عليه وسلم - عن الاعتماد على الله تعالى.
قوله:"لو لبثت في السجن" إلى آخره .. فيه بيان لفضيلة يوسف عليه السلام وقوة نفسه في الخير، وكمال صبره وحسن نظره، وقال - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه ما قاله تواضعًا وإيثارًا للإبلاغ في كمال فضيلة يوسف - صلى الله عليه وسلم - والله أعلم (١).
٤٥٨٢ - قال:"إن موسى كان رجلًا حييًّا ستيرًا، لا يُرى من جلده شيء استحياءً، فآذاه من آذاه من بني إسرائيل، فقالوا: ما يستر هذا التستر إلا من عيب بجلده، إما بَرَص أو أدرة، وإن الله أراد أن يبرئه، فخلا يومًا وحده ليغتسل، فوضع ثوبه على حجر، ففرّ الحجر بثوبه فجَمَحَ موسى في إثره يقول: ثوبي يا حجر! ثوبي يا حجر! ثوبي يا حجر! حتى انتهى إلى ملإ من بني إسرائيل، فرأوه عريانًا أحسن ما خلق الله، وقالوا: والله ما بموسى من بأس! وأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضربًا، فوالله إن بالحجر لندبًا من أثر ضربه: ثلاثًا أو أربعًا أو خمسًا".