للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فبينما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسير حتى ابْهار الليل، فمال عن الطريق، فوضع رأسه ثم قال: "احفظوا علينا صلاتنا"، فكان أول من استيقظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والشمس في ظهره، ثم قال: "اركبوا"، فركبنا فسرنا، حتى إذا ارتفعت الشمس نزل، ثم دعا بميضأة كانت معي، وفيها شيء من ماء، فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء، قال: وبقي فيها شيء من ماء، ثم قال: "احفظ علينا ميضأتك، فسيكون لها نبأ"، ثم أذن بلال بالصلاة، فصلّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، ثم صلى الغداة، وركب وركبنا معه، فانتهينا إلى الناس حين امتد النهار وحمي كل شيء، وهم يقولون: يا رسول الله! هلكنا وعطشنا، فقال: "لا هلْك عليكم". ودعا بالميضأة، فجعل يصب، وأبو قتادة يسقيهم، فلم يعد أن رأى الناس ماء في الميضأة، تكابوا عليها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أحسنوا الملأ، كلكم سيروي". قال: ففعلوا، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصب وأسقيهم، حتى ما بقي غيري وغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صب، فقال لي: "اشرب". فقلت: لا أشرب حتى تشرب يا رسول الله، فقال: "إن ساقي القوم آخرهم شُرْبًا". قال: فشربت وشرب، قال: فأتى الناس الماء جامين رواء.

قلت: رواه مسلم في الصلاة مطولًا، اختصره المصنف وقد خرج البخاري هذا الحديث في الصلاة وفي غيرها مختصرًا، ولم يذكر فيه: إلا نومهم عن الصلاة وفعلها بعد ارتفاع الشمس، وأبو داود والنسائي في الصلاة أيضًا كلهم من حديث أبي قتادة. (١)

ولا يلوي: أي لا يلتفت ولا يعطف، وابْهار الليل: هو بالموحدة وتشديد الراء أي انتصف، والميضأة: بكسر الميم وبالياء المثناة من تحت وبهمزة بعد الضاد المعجمة وهي الإناء الذي يتوضأ به كالركوة.

قوله: "فتوضأ منها وضوءًا دون وضوء": معناه وضوءًا خفيفًا مع أنه أسبغ الأعضاء.

ونقل القاضي عياض عن بعض شيوخه أن معناه (٢): توضأ ولم يستنج بماء، بل استجمر بالأحجار، وفي هذا نظر.


(١) أخرجه مسلم (٦٨١) وهو للبخاري (٥٩٥) باختصار. والنسائي (١/ ٢٩٤)، وأبو داود (٤٤١).
(٢) انظر: إكمال المعلم (٢/ ٦٧٢).