وهذا الحديث أحد الأحاديث الأربعة التي نقل عن أبي داود أنه قال: إنها تكفي الإنسان لدينه، نقل ذلك عنه صاحبه أبو بكر محمد بن بكر بن داسة قال: سمعت أبا داود يقول: كتبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس مائة ألف حديث انتخبت منها ما تضمنه هذا الكتاب يعني كتاب السنن جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه ويكفي الإنسان لدينه، من ذلك أربعة أحاديث أحدها: قوله - صلى الله عليه وسلم - إنما الأعمال بالنيات، والثاني: قوله - صلى الله عليه وسلم - من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه، والثالث: قوله - صلى الله عليه وسلم - لا يكون المؤمن مؤمنًا حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه، والرابع: قوله - صلى الله عليه وسلم - الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مشتبهات. الحديث.
قوله: وإنما لامرئ ما نوى، فائدة ذكره بعد ذكره إنما الأعمال بالنيات بيان أن تعيين المنوي شرط فلو كان على إنسان صلاة مقضية لا يكفيه أن ينوي الصلاة الفائتة بل يشترط أن ينوي كونها ظهرًا أو عصرًا، ولولا اللفظ الثاني لاقتضى الأول صحة النية بلا تعيين أو أوهم ذلك.
والهجرة: أصلها الترك، والمراد هنا ترك الوطن، ومعناه: من قصد بهجرته وجه الله وقع أجره على الله ومن قصد دنيا، أو امرأة، فهي حظه ولا نصيب له في الآخرة، وهذا قيل إنه جاء على سبب وهو أن رجلًا هاجر ليتزوج امرأة يقال لها أم قيس، فقيل: مهاجر أم قيس. والله أعلم. (١)
(١) انظر فتح الباري شرح صحيح البخاري (١/ ١٠ - ١٨).