للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فيه الحث على الأكل من عمل اليد، وعلى الاكتساب بالمباحات كالحطب والحشيش النابتين في الموات.

١٣١٦ - سألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال لي: "يا حكيم! إن هذا المال خضر حلو، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يُبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى".

قال حكيم، فقلت: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق، لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا.

قلت: رواه البخاري بهذا اللفظ هنا، وفي الوصايا من حديث حكيم بن حزام، ورواه مسلم أيضًا هنا مختصرًا إلى قوله: "واليد العليا خير من اليد السفلى". (١)

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن هذا المال خضر" بفتح الخاء المعجمة وكسر الضاد المعجمة، أيضًا قوله: حلو: بضم الحاء المهملة وسكون اللام، وشبهه في الرغبة فيه، والميل إليه، بالأخضر الحلو المستلذ، فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده، والحلو كذلك، فاجتماعهما أشد، وفيه إشارة إلى عدم بقائه، فإن الأخضر أسرع الألوان استحالة وتغيرًا.

والسخاوة: والسخاء، الجود يقال سخى يسخو وسخي يسخى، والسخاوة هنا يجوز أن تكون راجعة إلى الآخذ -وهو الأظهر- أي من أخذه في حال كون نفسه سخية به لا لكثرة، ويجوز أن يكون راجعة إلى الدافع أي من أخذه ممن يدفعه سخية به نفسه.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كالذي يأكل ولا يشبع"، قيل: هو الذي به داء لا يشبع بسببه، وقيل: المراد تشبيهه بالبهيمة الراعية. وأرزأ: بفتح الهمزة وسكون الراء المهملة وفتح الزاي المعجمة ثم بالهمزة ومعنى لا أرزأ أحدًا بعدك أي لا آخذ منه شيئًا، قاله في المشارق (٢).


(١) أخرجه البخاري (١٤٧٢)، ومسلم (١٠٣٥).
(٢) انظر: (١/ ٢٨٨).