وطرفة، عمرو بن هند ملك الحيرة، فكتب له ولطرفة بن العبد كتابين، أوهمهما أنه أمر لهما بجوائز، وكتب له يأمره بقتلهما، والقصة مشهورة عند العرب وإن المتلمس لما علم ما فيها رمى بها وهرب، فضربت العرب المثل بصحيفته، وأما طرفة فوافى بصحيفته فقتل.
وقد اختلف الناس في تأويل ما يغديه ويعشيه فقال بعضهم: من وجد غداء يومه وعشاه، لم تحل له المسألة وقال آخرون: من وجد غداء وعشاء دائم الأوقات. فإذا كان عنده ما يكفيه المدة الطويلة حرمت عليه المسألة، وقيل: هذا منسوخ بما تقدم من الأحاديث، ولا شك أنه يجوز لصاحب الغداء والعشاء أن يسأل الجبة والكساء.
- وفي رواية: شِبَع ليلةٍ ويومٍ.
قلت: رواها أبو داود أيضًا، رواية من الحديث قبلها.
١٣٢٣ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "من سأل منكم وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافًا".
قلت: رواه أبو داود هنا (١) من حديث عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد أنه قال: نزلت أنا وأهلي ببقيع الغرقد. قال لي أهلي: اذهب إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فسله لنا شيئًا نأكله فجعلوا يذكرون من حاجتهم فذهبت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجدت عنده رجلًا يسأله، ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: لا أجد ما أعطيك فتولى الرجل، وهو مغضب، وهو يقول: لعمري إنك لتعطي من شئت، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يغضب علي أن لا أجد ما أعطيه، من سأل منكم، وله أوقية أو عدلها، فقد سأل إلحافًا" قال الأسدي: فقلت: للقحة لنا خير من أوقية، والأوقية أربعون درهمًا، قال: فرجعت ولم أسأله، فقدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك شعير وزبيب، فقسم لنا منه، أو كما قال، حتى أغنانا الله عز وجل. وأخرجه النسائي ولم يضعفه أبو داود ولا المنذري.
وبقيع الغرقد: بالباء الموحدة مدفن المدينة، والغرقد: من شجر العضاه، والعضاه
(١) أخرجه أبو داود (١٦٢٧)، والنسائي (٥/ ٩٨) وإسناده صحيح.