أحدكم صدقة"، قالوا: يا رسول الله! أيأتي أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه فيه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر".
قلت: رواه مسلم في الزكاة من حديث أبي ذر (١) ولم يخرجه البخاري عنه وأخرج عن أبي هريرة في الصلاة مثلَ معناه، وفي هذا زيادة.
قوله - صلى الله عليه وسلم -: "في بضع أحدكم صدقة": هو بضم الباء ويطلق على الجماع، ويطلق على الفرج نفسه، وكلاهما تصح إرادته هنا.
وفي هذا دليل على أن المباح يصير طاعة بالنية الصادقة، فالجماع يصير عبادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة، وإعفاف نفسه وإعفاف الزوجة، وغير ذلك من المقاصد الصالحة.
قوله: يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته: إلى آخره، فيه جواز القياس وهو مذهب العلماء كافة ولم يخالف فيه إلا أهل الظاهر، ولا يعتد بهم، وهذا القياس المذكور في هذا الحديث هو قياس العكس، واختلف الأصوليون في العمل به، وهذا الحديث دليل لمن عمل به وهو الأصح.
وفيه فضيلة التسبيح وسائر الأذكار، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإحضار النية في المباحات، وذكر العالم دليلًا لبعض المسائل التي تخفى، وجواز سؤال المستفتى عن بعض ما يخفى من الدليل إذا علم من حال المسئول أنه لا يكره ذلك ولم يكن فيه سوء أدب.
قوله: كان له أجر، رويناه في مسلم أجرًا بالنصب وبالرفع، وهما ظاهران، والله أعلم.
١٣٥٤ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "نِعم الصدقة اللقحة الصفي منحة، والشاة الصفي منحة، تغدو بإناء وتروح بآخر".