وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فلها نصف أجره" أي قسم مثل أجره، وقد جاء في بعض الروايات:"الأجر بينكما نصفان" أي قسمان وإن كان أحدهما أكثر كما قال الشاعر: إذا مت كان الناس نصفان بيننا. ويحتمل أن يكونا سواء، لأن الأجر فضل من الله، ولا يدرك بقياس ولا هو بحسب الأعمال، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، والظاهر الأول، وليس معنى الحديث أن الأجر الذي لأحدهما يزدحمان عليه، بل معناه: أن هذه النفقة والصدقة التي أخرجتها المرأة والخازن الأمين ونحوهما يترتب على جملتها ثواب على قدر المال والعمل، فيكون مقسومًا بينهما: لهذا نصيب ماله ولهذا نصيب بعمله، لا يزاحم أحدهما الآخر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالك لامرأته أو غيرها مائة درهم لتوصلها لسائل على باب الدار ونحو ذلك فأجر المالك أكثر، وإن أعطاها رغيفًا ونحوه لتذهب به إلى محتاج إلى مسافة بعيدة بحيث يقابل مشي المذاهب إليه بأجرة تزيد على الرغيف فأجر الوكيل أكثر، وقد يستويان، فيكون مقدار الأجر سواء.
والمراد بنفقة المرأة والعبد والخازن: النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه، وقاصديه، من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف.
١٣٩٨ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "الخازن المسلم الأمين الذي يعطي ما أمر به، كاملًا موفرًا طيبة به نفسه، فيدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين".
قلت: رواه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي كلهم في الزكاة من حديث أبي بردة عن أبي موسى. (١)
١٣٩٩ - قالت: أن رجلًا قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: إن أمي افتلتت نفسُها، وأظنها لو تكلمتْ تصدقتْ، فهل لها أجر إن تصدَّقتُ عنها؟ قال:"نعم".
(١) أخرجه البخاري (١٤٣٨)، ومسلم (١٠٢٣)، وأبو داود (١٦٨٤)، والنسائي (٥/ ٧٩).