للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

في الإيمان أيضًا من حديث أبي هريرة. (١)

١٤٠٧ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك، والصيام جنة فإذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: "إني امرؤ صائم".

قلت: رواه الشيخان هنا بألفاظ متقاربة من حديث أبي هريرة. (٢)

وقد اختلف العلماء في معنى قوله تعالى: "فإنه لي وأنا أجزي به" مع أن كل العبادات لله تعالى، فقيل: سبب إضافته إليه تعالى أنه لم يعبد أحدًا غير الله تعالى به بخلاف غيره من العبادات فإنهم عبدوا بها آلهتهم في الظاهر، وقيل: لبعده من الرياء، وقيل: لأنه ليس للصائم فيه حظ، وقيل: معناه أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه وتضعيف حسناته وغيره من العبادات. أظهر سبحانه وتعالى بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها، وقيل هي إضافة تشريف كقوله: ناقة الله مع أن العالم كله لله تعالى.

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ولخلوف" هو بضم الخاء المعجمة، وهو تغير رائحة الفم، هذا هو المعروف في كتب اللغة والغريب، قال القاضي عياض: والرواية الصحيحة بالضم، قال وكثير من شيوخنا يروونه بفتحها وهو خطأ، وحكي عن الفارسي فيه الفتح والضم، قال: وأهل المشرق يقولونه بالفتح والصواب بالضم.

قال المازري: وكونه عند الله أطيب من ريح المسك، مجاز واستعارة لأن استطابة بعض الروائح من صفات ماله طباع، فيستطيب ويستقذر والله تعالى منزه عن ذلك، قال جماعات: والخلوف أكثر ثوابًا من المسك، حيث ندب إليه في الجمع والأعياد وغيرهما.


(١) أخرجه البخاري (٣٧) و (١٩٠١) و (٢٠١٤)، ومسلم (٧٥٩) و (٧٦٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٠٤)، ومسلم (١١٥١).