للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الحديث دليل لمن ذهب إلى أنه لا يكره للصائم أن يغتسل ويتمضمض من العطش، خلافًا لمن كرهه، وقد بلّ ابن عمر ثوبًا فألقى عليه وهو صائم، وقال أنس: إن لي أبزن أتقحم فيه وأنا صائم، حكى البخاري ذلك في الترجمة. (١)

والأَبْزن: بفتح الهمزة وكسرها وسكون الباء الموحدة، وزاي مفتوحة ونون، وهو: شبه الحوض الصغير ونحوه وهي كلمة فارسية. (٢)

١٤٤٨ - رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلًا يحتجم، لثماني عشرة خلت من رمضان، قال: "أفطر الحاجم والمحجوم".

قلت: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه هنا من حديث شداد بن أوس (٣) وقال إسحق: حديث شداد إسناده صحيح، تقوم به الحجة، وقال الإمام أحمد: أحاديث أفطر الحاجم والمحجوم، ولا نكاح إلا بولي، يشد بعضها بعضًا وأنا أذهب إليها.

وقد اختلف العلماء في الحجامة للصائم فقال الجمهور: أنها لا تفطر وذهب أحمد في آخرين إلى أنها تفطر، لظاهر هذا الحديث، واحتج الجمهور بحديث ابن عباس المتقدم في الصحاح، وهو ناسخ لحديث شداد هذا، لأنه في بعض طرقه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ذلك عام الفتح في رمضان، وذلك سنة ثمان، وحديث ابن عباس جاء في بعض طرقه التي صححها الترمذي: أن - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم محرم، وذلك كان في حجة الوداع سنة عشر، مع أدلة أخرى تدل على نسخ حديث المنع من الحجامة للصائم، ليس هذا محلها.


(١) ذكرهما -أي أثر ابن عمر وأنس- البخاري في الصحيح في كتاب الصوم، باب اغتسال الصائم (٤/ ١٥٣ - الفتح).
(٢) قال الحافظ: الأبزن: حجر منقور، شبه الحوض، وهي كلمة فارسية ولذلك لم يعرفه، وأتقحم فيه أي أدخل، وكان الأبزن كان ملآن ماء، فكان أنس إذا وجد الحر دخل فيه يتبرد بذلك، انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (٤/ ١٥٤).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٣٦٩)، والنسائي (٣٠٢٩)، وابن ماجه (١٦٨١) وإسناده صحيح.