للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٤٨٠ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي، ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام، إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم".

قلت: رواه مسلم هنا من حديث أبي هريرة ولم يخرجه البخاري. (١)

وفي هذا الحديث والذي قبله: دلالة ظاهرة لقول الشافعية ومن وافقهم أنَّه يكره إفراد يوم الجمعة بالصوم إلا أن يوافق عادة له، أو يصله بما قبله، وأما قول مالك في الموطأ (٢): "لم أسمع أحدًا من أهل العلم والفقه ومن يقتدي به، فينهى عن صيام يوم الجمعة، وصيامه حسن، وقد رأيت بعض أهل العلم يصومه، وأراه كان يتحراه" قال جماعة من أهل العلم: وقد رأى غيره خلاف ما رأى هو، والسنة مقدمة، وقد ثبت النهي عن صوم الجمعة، قال الداوودي من أصحاب مالك: لم يبلغ مالكًا هذا الحديث، ولو بلغه لم يخالفه، قال العلماء: والحكمة في النهي أن يوم الجمعة يوم دعاء، وذكر، وصلاة، واغتسال، وتبكير للصلاة، واستماع، فاستحب الفطر، ليكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط، وانشراح، وهو نظير الحاج يوم عرفة، فإن السنة له الفطر، فإن قيل: لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى؟ فالجواب: أنَّه تحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير، كذا قالوا، وعندي في ذلك نظر: لأنَّ هذا التعليل يقتضي أن من لا جمعة عليه لا يكره له الصوم، وليس كذلك بل الذي أطلقوه الكراهة مطلقًا والله أعلم.

١٤٨١ - قال - صلى الله عليه وسلم -: "من صام يومًا في سبيل الله، بعَّد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا".


(١) أخرجه مسلم (١١٤٤).
(٢) الموطأ (١/ ٣١١).