للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فرحمته فخليت سبيله، فأصبحت، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا أبا هريرة ما فعل أسيرك؟ ". قلت: يا رسول الله! شكا حاجة شديدة وعيالًا فرحمته فخليت سبيله، فقال: "أما إنه قد كذبك وسيعود" فرصدته، فجاء يحثو من الطعام فأخذته، فقلت: لأرفعنك إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا آخر ثلاث مرات، إنك تزعم أن لا تعود ثمَّ تعود، قال: دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها، إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ}، حتى تختم الآية، فإنك لن يزال عليك من الله حافظ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح، فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما فعل أسيرك؟ " قلت: زعم أنَّه يعلمني كلمات ينفعني الله بها، قال: "أما إنه قد صدقك وهو كذوب، تعلم من تخاطب منذ ثلاث ليال؟. ذاك الشيطان".

قلت: رواه البخاري (١) في الوكالة في باب: إذا وكل رجلًا فترك الوكيل شيئًا فأجازه الموكل فهو جائز، وفي باب صفة إبليس وجنوده من كتاب بدء الخلق، قال الحميدي: ولم يصل البخاري سنده بهذا الحديث بل رواه تعليقًا انتهى. (٢)

قال النوويّ (٣): وما قاله الحميدي غير مسلم، فإن البخاري قال في البابين: وقال: عثمان بن الهيثم ثنا عوف عن محمَّد بن سيرين عن أبي هريرة والمذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين، أن البخاري إذا قال: قال فلان وهو من شيوخه محمول على سماعه واتصاله، وكذلك غيره إذا لم يكن مدلسًا، وعثمان بن الهيثم من شيوخ البخاري الذين روى عنهم في صحيحه انتهى كلام النوويّ (٤)، ورواه النسائيُّ في اليوم والليلة متصلًا ولم يخرجه مسلم.


(١) أخرجه البخاري في الوكالة (٢٣١١)، وفي باب بدء الخلق (٣٢٧٥).
(٢) الجمع بين الصحيحين (٣/ ٢٥٨).
(٣) انظر: الأذكار (١٣٦ - ١٣٧).
(٤) انظر: كلام الحافظ في الفتح (٤/ ٤٨٧)، وتغليق التعليق (٢/ ٢٩٥ - ٢٩٦)، وراجع: الفتوحات الربانية (٣/ ١٤٧)، ورواية النسائيُّ في اليوم والليلة برقم (٩٥٨) و (٩٥٩).