١٧٨١ - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:"اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يستجاب لها".
قلت: رواه مسلم في الدعوات والنسائي في الاستعاذة والترمذي مختصرًا كلهم من حديث زيد بن أرقم. (١)
والعجز والكسل سبق تفسيرهما في الباب قبله، وإنما استعاذ - صلى الله عليه وسلم - من الجبن والبخل: فلما فيهما من التقصير عن أداء الواجبات، والقيام بحقوق الله تعالى، وإزالة المنكرات، ولأنه بشجاعة النفس وقوتها المعتدلة تتم العبادات، وتقوم بنصرة المظلوم والجهاد، وبالسلامة من البخل تقوم بحقوق المال، وتنبعث للإنفاق والجود، ومكارم الأخلاق، والهرم: المراد به الرد إلى أرذل العمر، قال بعض العلماء: ومعنى وآت نفسي تقواها: تقوى البدن الكف عما لا يتيقن حله، وتقوى القلب: الإعراض عما سوى الله تعالى، وعدم الالتفات إلى غيره، ومعنى وزكّها: طهرها، ولفظة "خير" ليست للتفضل بل معناه: لا مزكي لها إلا أنت، كما قال: أنت وليها ومولاها، ومعنى "نفس لا تشبع": إستعاذة من الحرص والطمع والشره، وتعلق النفس بالآمال البعيدة.
وهذا الحديث وغيره من الأدعية المسجوعة دليل لما قاله كثير من العلماء أن السجع المذموم في الدعاء: هو المتكلف، فإنه يذهب الخشوع والخضوع والإخلاص، ويلهي عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب، فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك، أو كان محفوظًا فلا بأس به.
١٧٨٢ - كان من دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحول عافيتك، وفجأة نقمتك، وجميع سخطك".
(١) أخرجه مسلم (٢٧٢٢)، والنسائي (٨/ ٢٦٠)، والترمذي (٣٥٧٢).