للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتخلع عليه الخلع المذهبة، فيسير من غير طبل ولا بوق إلاّ أن يضاف إليه الدّعوة فإنّه يسير حينئذ بالطّبل والبوق، فإنّ ذلك من رسوم الدّاعى مع البنود. فإن كان إنّما خلع عليه لوظيفة القضاء فقط فإنّه يسير بالغزاء رجالا حوله وبين يديه المؤذنون يعلنون بذكر الخليفة، أو الخليفة والوزير إن كان ثمّ وزير صاحب سيف؛ ويركب معه يومئذ نوّاب الباب والحجّاب ولا يجلس أحد فوقه البتّة، ولا يمكنه حضور جنازة ولا عقد نكاح إلاّ بإذن، ولا يقوم لأحد من النّاس إذا كان فى مجلس الحكم، ولا ينشئ عدالة البتّة إلاّ بإذن (١)، فلا تثبت إذا أذن له فى إنشائها لأحد حتى يزكّيه عشرون عدلا من عدول البلد بين مصر والقاهرة ويرضاه الشهود كلّهم.

فإن كان فى الدّولة وزير سيف لا يخاطب حينئذ من يتولى الحكم بقاضى القضاة فإنّه من نعوت الوزير.

ويصعد القاضى إلى القصر فى يومى الخميس والاثنين بكرة للسّلام على الخليفة؛ وله النّواب، وإليه النّظر فى دار الضرب لتحرير العيار. ولا يصرف القاضى إلاّ بجنحة.

وكان فى الدّولة داعى الدّعاة، ورتبته تلى رتبة قاضى القضاة، ويتزيّا بزيّه، ولا بدّ أن يكون عالما بمذاهب أهل البيت، ، وله أخذ العهد على من ينتقل إلى مذهبه؛ وبين يديه اثنا عشر نقيبا؛ وله نوّاب فى سائر البلاد. ويحضر إليه فقهاء الشيعة بدار العلم ويتّفقون على دفتر يقال له مجلس الحكمة يقرأ فى كلّ يوم اثنين وخميس بعد أن تحضر مبيضته إلى داعى الدّعاة ويتصفّحه ويدخل به إلى الخليفة فيتلوه عليه إن أمكن، ويأخذ خطّه عليه فى ظاهره. ثمّ يخرج فيجلس على كرسى الدّعوة بالإيوان من القصر، فيقرؤه على الرجال؛ ثم يخرج ليقرأه على النّساء. وله أخذ النّجوى من المؤمنين بالأعمال كلّها، ومبلغها ثلاثة دراهم وثلث، فيحملها إلى الخليفة (٢).

كان متولى ديوان الإنشاء يخاطب بالأجلّ، ويقال له كاتب الدّست، وهو الذى يتسلّم


(١) فى المواعظ والاعتبار: ٤٠٤:١: «ولا يعدل شاهد إلا بأمره». وتتفق عبارة صبح الأعشى فى معناها مع العبارة المذكورة هنا بالمتن. صبح الأعشى: ٤٨٧:٣.
(٢) انظر فى هذا: المواعظ والاعتبار: ٣٩١:١.