للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكتب الواردة ويعرضها على الخليفة من يده ثم يأمر بتنزيلها والجواب عنها. والخليفة يستشيره فى أكثر أموره ولا يحجب عنه شيء متى جاء، وهذا أمر لا يصل إليه غيره، وربّما بات عنده. وجاريه فى كلّ شهر مائة وعشرون دينارا، مع الكسوة والرّسوم؛ ولا يدخل إلى ديوانه ولا يجتمع بكتّابه إلاّ الخواصّ، وله حاجب من الأمراء وفرّاشون ومرتبة هائلة، ومخادّ ومسند، ودواة بغير كرسىّ وهى من أنفس الدّوىّ، ولها أستاذ من خدام الخليفة برسم حملها.

ولا بدّ للخليفة من جليس يذاكره ما يحتاج إلى علمه من كتابات وتجويد الخطّ ومعرفة الأحاديث وسير الخلفاء ونحو ذلك، يجتمع به أكثر أيّام الأسبوع، وبرسمه أستاذ محنّك يحضر فيكون ثالثهما، فيقرأ ملخّص السّير ويكرّر عليه ذكر مكارم الأخلاق.

ورتبته عظيمة تلحق برتبة كاتب الدّست، ويكون صحبته دواة محلاّة. فإذا فرغ من المجالسة ألقى فى الدّواة كاغدة فيها عشرة دنانير وقرطاسا فيه ثلاثة مثاقيل ندّ مثلث خاصّ ليتبخرّ به عند دخوله على الخليفة (ثانى مرة) (١). وله منصب التوقيع بالقلم الدّقيق، كما تقدّم، ويجلس حال التّوقيع على طرّاحة ومسند، وله فرّاشون من فرّاشى الخاصّ تقدّم له ما يوقّع عليه. ويختصّ به موضع من ديوان المكاتبات لا يدخل إليه أحد إلاّ بإذن.

ورأس أصحاب دواوين المال من يلى النّظر على الدّواوين وله العزل والولاية، وهو الّذى يعرض الأوراق على الخليفة أو الوزير (٢)، ويعتقل من شاء بكلّ مكان؛ ويجلس بالمرتبة والمسند وبين يديه حاجب من أمراء الدّولة، وتخرج له الدّواة بغير كرسىّ ويندب من يطلب الحساب، ويحثّ فى طلب المال ومطالبة أرباب الضّمانات.

وكان لهم ديوان التّحقيق، ومقتضاه المقابلة على الدّواوين ولمتولّيه الخلع والرتبة والحاجب، ويلحق بناظر الدّواوين.

وديوان المجلس، وفيه علوم الدّولة، وهو أصل الدّواوين، وفيه عدّة كتّاب لكلّ منهم


(١) زيد ما بين القوسين من المواعظ والاعتبار: ٤٠٢:١. وفى صبح الأعشى: ٤٩١:٣: ثانى دفعة.
(٢) فى صبح الأعشى: ٤٩٣:٣: وإليه عرض الأرزاق فى أوقات معروفة على الخليفة والوزير.