للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانت جملتها أربعة وعشرين ألف ألف دينار، وذلك فى سنة سبع وخمسين وثلاثمائة، فأنفقها أجمع على العساكر التى سيّرها إلى مصر - فى سنتى ثمان وتسع وخمسين - مع القائد جوهر.

وكان رحيله فى رابع عشر ربيع الأول منها، ومعه ألف حمل مال، ومن السلاح والخيل والعدد ما لا يوصف، فقدم جوهر إلى مصر، ووصلت البشارة بفتحها فى نصف رمضان سنة ثمان وخمسين، فسرّ المعز سرورا كثيرا وأنشده ابن هانئ قصيدة أولها:

يقول بنو العباس: هل فتحت مصر؟ … فقل لبنى العباس: قد قضى الأمر

ولما وصلت البشارة من الشام بكسر عسكر أبى عبد الله الحسن بن أحمد القرمطى - المعروف بالأعصم (١) - أنشده ابن هانئ قصيدة منها:

ما شئت لا ما شاءت الأقدار، … فاحكم فأنت الواحد القهّار

وأنشد أيضا أخرى أولها:

وعلى (٢) أمير المؤمنين مظلّة … زاحمت تحت لوائها جبريلا

وفى سنتى ستين وإحدى وستين قال: ولقد وصلنا إلى برقة ومعنا خمسون ألف دينار.

ولما أنفذ جوهر إلى مصر، وبرز يريد المسير إلى مصر، بعث [المعز] خفيفا الصّقلبى - صاحب السّتر (٣) - إلى شيوخ كتامة، يقول:


(١) أحد زعماء القرامطة، ولد بالأحساء، وفى سنة ٣٦٠ خرج الى دمشق فاقتتل مع جيش جعفر بن فلاح وقتله بظاهر دمشق، وملك دمشق وولى عليها ظالم بن موهوب العقيلى، ثم عاد الى بلاد هجر، وهاجم مصر فى أوائل سنة ٣٦٢، ثم تقهقر الى الشام، ومات بالرملة فى رجب سنة ٣٦٦، انظر: (النجوم الزاهرة، ج ٤ ص ٣١، ٥٦، ٥٨، ٥٩، ٧٠، ٧٤، ٧٥، ١٢٨).
(٢) كذا فى الأصل، وفى (ج): «وخيل أمير المؤمنين مطلة»، وليس فى الديوان قصيدة تنتهى بهذا الروى الا قصيدة واحدة مطلعها: «أتظن راحا فى الشمال شمولا» وليس فى هذه القصيدة بيت ينتهى بلفظ «جبريلا» الا هذا البيت:
أمديرها من حيث دار لشد ما … زاحمت حول ركابه جبريلا
انظر: (الديوان، ص ٥٦٠ و ٥٦٦).
(٣) لعل المقصود بهذه الوظيفة أن صاحبها هو الذى كان يتولى أمر الستار التى تحجب الخليفة الفاطمى على عرشه حتى يتم اعداد المجلس - فى مجالسه العامة - ثم ترفع بعد ذلك.