أمير المدينة فقال: من أين أقبل الشيخان؟ فقالا: من عند رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، سلمنا عليه وأتيناك، فقال: سلمتما على صاحبيه؟ فقلنا: لا، فقال سبحان الله، كيف لم تسلما على صاحبيه؛ فقال له أخي عبد الله: سألتك بالله أيها الأمير أيهما أقرب؟ ابنك هذا منك أو صاحبي رسول الله من رسول الله؟ فقال: ابني هذا، فقال: ما سلمنا على ابنك في مجلسك إجلالا لك، فنسلم على صحابي رسول الله بحضرة رسول الله؟ فقال: والله ما قصرتما، ثم قال مسلم: تأذن يا أمير المؤمنين في السلام على الأمير عبد الله؟ فأذن له، قال عيسى: وكان المعز لمسلم مكرماً.
وفيه كثر الإرجاف بالقرامطة ودخول مقدمتهم أرياف مصر وأطراف المحلة، وأنهم ونهبوا واستخرجوا الخراج ثم رجعوا إلى أعمال الشام.
وأمر المعز المغاربة بالخروج من مصر والسكنى بالقاهرة ففعلوا.
ورد المعز الشرطة العليا إلى خير بن القاسم فاستقصى على المغاربة في الخروج إلى القاهرة.
وعاودت المعز العلة فاحتجب أياماً لا يراه أحد، ثم جلس للناس فهنوه، وعرضوا أنفسهم للقتال، فشكرهم على ذلك.
ووصلت سرية القرامطة إلى أطراف الحوف، وأنفذ القرمطي عبد الله بن عبيد الله أخا مسلم إلى الصعيد، فنزل في نواحي أسيوط وإخميم، وحارب العمال، واستخرج الأموال، فثقل ذلك على المعز، وعاتب أبا جعفر مسلم، فاعتذر إليه، وتبرأ من أفعاله، ونزل الأعسم القرمطي بعسكره بلبيس، وتأهب المعز لمنعه ورده.
وقد أحببت أن أورد هنا جملةً من أخبار القرامطة لتكرر دخولهم إلى مصر: