للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقال فى سبب تسميتها بالقاهرة أن القائد جوهر لما أراد بناء القاهرة أحضر المنجمين، وعرّفهم أنه يريد عمارة بلد ظاهر مصر ليقيم بها الجند، وأمرهم باختيار طالع لوضع الأساس، بحيث لا يخرج البلد عن نسلهم، فاختاروا طالعا لحفر السور، وطالعا لابتداء وضع الحجارة فى الأساس، وجعلوا بدائر السور قوائم من خشب، بين كل قائمتين حبل فيه أجراس، وقالوا للعمال:

«إذا تحركت الأجراس ارموا ما بأيديكم من الطين والحجارة».

فوقفوا ينتظرون الوقت الصالح لذلك، فاتفق أن غرابا وقع على حبل من تلك الحبال المعلق فيها الأجراس، فتحركت الأجراس كلها، وظنّ العمال أن المنجمين حركوها، فألقوا ما بأيديهم من الطين والحجارة وبنوا، فصاح المنجمون:

«القاهر فى الطالع».

فمضى ذلك وفاتهم ما قصدوه.

ويقال إن المريخ كان فى الطالع عند ابتداء وضع أساس القاهرة، وهو قاهر الفلك، [فسموها القاهرة] (١)، فحكموا لذلك أن القاهرة لا تزال تحت حكم الأتراك.

وأدار السور اللبن حول بئر العظام، وجعلها فى القصر، وجعل القاهرة حارات (٢) للواصلين [صحبته و] صحبة [مولاه] المعز، وعمل القصر بترتيب ألقاه إليه المعز.

ويقال إن المعز لما رأى القاهرة لم يعجبه مكانها فى البرية بغير ساحل، وقال لجوهر:

«يا جوهر فاتتك عمارتها هاهنا» - يعنى المقس (٣) بشاطئ النيل -.


(١) ما بين الحاصرتين زيادة عن ج
(٢) قال ابن سيده: الحارة كل محلة دنت منازلها، والمحلة منزل القوم، هذا وقد كانت أحياء القاهرة عند تأسيسها تسمى الحارات، كما كانت احياء الفسطاط تسمى الخطط، انظر باب الحارات فى (المقريزى: الخطط، ج ٣، ص ٣٢ - ٣٦).
(٣) عرف (ابن تغرى بردى - نقلا عن القضاعى - النجوم الزاهرة، ج ٤ ص ٥٣) المقس بقوله: كانت ضيعة تعرف بأم دنين، وانما سميت المقس لأن العشار وهو المكاس كان فيها يستخرج الاموال، فقيل له المكس، ثم قيل المقس، وقد عقب على ذلك محمد رمزى بقوله: المقس والمكس والمقسم وأم دنين كلها أسماء مترادفة لقرية كانت واقعة على شاطئ النيل وقت أن كان النيل يجرى فى عهد الدولة الفاطمية فى المكان الذى يمر فيه اليوم شارع عماد الدين وميدان محطة مصر وما بعده الى الشمال بشارع الملكة نازلى (شارع رمسيس حاليا) .. الخ.