وكان الذي أعانهم على ذلك تشاغل الخليفة بفتنة الخوارج، وصاحب الزنج بالبصرة، وقصريد السلطان، وخراب العراق، وتركه لتدبيره، وركوب الأعراب واللصوص بعد السبعين ومائتين بالقفر، وتلاف الرجال، وفساد البلدان، فتمكن هؤلاء، وبسطوا أيديهم في البلاد، وعلت كلمتهم.
وكان منهم مهرويه أحد الدعاة في مبدأ أمره ينطر النخل ويأخذ أجرته تمرا فيفرغ منه النوا ويتصدق به، ويبيع النوا ويتقوت به، فعظم في أعين الناس قدره، وصارت له مرتبة في الثقة والدين، فصار إلى صاحب الزنج لما ظهر على السلطان وقال له.
ورائي مائة ألف ضارب سيف أعينك بهم.
فلم يلتفت إلى قوله، ولم يجد فيه مطمعا، فرجع وعظم بعد ذلك في السواد، وانقاد إليه خلق كثير، فادعى أنه من ولد عبد الله بن محمد بن إسماعيل بن جعفر، فقيل له: لم يكن لمحمد بن إسماعيل ابن يقال له عبد الله.
فكف عن هذه الدعوى، وصار بعد ذلك في قبة على جمل، ودعى بالسيد، وظهر بسواد الكوفة؛ وسيأتي ذكر ابنه زكرويه، وابن ابنه الحسين بن زكرويه إن شاء الله.
وكان رجل من أهل قرية جنابة يعمل الفراء، يقال له أبو سعيد الحسن بن بهرام الجنابي، أصله من الفرس، سافر إلى سواد الكوفة، وتزوج من قوم يقال لهم: بنو