للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شبرا فى مثلها، وأرضها ديباج أحمر، ودورها اثنا عشر هلال ذهب، وفى كلّ هلال أترجة ذهب مشبّك، جوف كل أترجّة خمسون درّة كبيض الحمام، وفيها الياقوت (١) الأحمر والأصفر والأزرق، وفى دورها مكتوب آيات الحج بزمرد أخضر (٢)، وحشو الكتابة درّ كبار لم ير مثله، وحشو الشّمسة المسك المسحوق؛ فرآها الناس فى القصر ومن خارجه لعلوّ موضعها؛ ونصبها عدّة فراشين، وجرّوها لثقل وزنها.

[وأول من عمل الشّمسة للكعبة أمير المؤمنين جعفر المتوكل على الله، فبعث سلسلة من ذهب كانت تعلّق مع الياقوتة التى بعثها المأمون، وصارت تعلّق كلّ سنة فى وجه الكعبة، وكان يؤتى بهذه السلسلة فى كل موسم وفيها شمسة مكللة بالدرّ والياقوت والجوهر قيمتها شيء كثير، فيقدم بها قائد يبعث من العراق، فتدفع إلى حجبة الكعبة، ويشهد عليهم بقبضها، فيعلقونها يوم سادس الثمان، فتكون على الكعبة، ثم تنزع يوم التروية] (٣).

وغدا المعز لصلاة عيد النحر فى عساكره، وصلى كما ذكر فى صلاة الفطر من القراءة والتكبير وطول الركوع والسجود، وخطب وانصرف فى زيّه، فلما وصل إلى القصر أذن للناس عامة فدخلوا والشمسة منصوبة على حالها، فلم يبق أحد حتى دخل - من أهل مصر والشام والعراق - فذكر أهل العراق وأهل خراسان، ومن يواصل الحج أنهم لم يروا قط مثل هذه


= - اللفظ الشمسية هو ترجمة للكلمة الفرنسية Parasol ، وثانيهما أن المعاجم العربية ذكرت هذا اللفظ ولكن بصفة المذكر «الشمس»، وقالت ان من معانيه أنه ضرب من القلائد أو الحلى، جاء فى (اللسان): «والشمس ضرب من القلائد، والشمس معلاق القلادة فى العنق، والجمع شموس، قال الشاعر:
والدر واللؤلؤ فى شمسه … مقلد ظبى التصاوير.
قال اللحيانى: الشمس ضرب من الحلى، مذكر ومؤنث، والشمس قلادة الكلب».
(١) ذكر ابن الاكفانى (نخب الذخائر، ص ص ٢ - ١٣) أن الياقوت أربعة أصناف: الأحمر: وهو اعلاها رتبة واغلاها قيمة. والاصفر. والارزق. والابيض. ثم قسم كل صنف من هذه الى انواع. هذا وقد ذكر صاحب اللسان أن لفظ «ياقوت» فارسى معرب، بينما ذكر الاب انستاس الكرملى (المرجع السابق، ص ٢، هامش ١) أنه معرب عن اللاتينية.
(٢) انظر الكلام عن الزمن بتفصيل فى: نخب الذخائر، ص ٤٨ - ٥٢).
(٣) هذه الفقرة وردت فى الهامش فى نسخة الأصل، ولكنها وردت فى المتن فى نسخة (ج)، وقد آثرنا ضمها للمتن هنا لأنها تزيده ايضاحا.