خطابك، فانظر لنفسك يا شقي ليومك ومعادك قبل انغلاق باب التوبة، وحلول وقت النوبة، حينئذ لا ينفع نفساً إيمانها، لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيراً.
وإن كنت على ثقة من أمرك، ومهل في أمر عصرك وعمرك، فاستقر بمركزك، وأربع على ضلعك، فلينالنك ما نال من كان قبلك من عاد وثمود، " وأَصْحَابُ الأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعِ، كُلٌّ كّذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ "، فلنأتينكم بجنود لا قبل لكم بها ولنخرجنكم منها أذلةً وأنتم صاغرون بأولى بأس شديد، وعزم سديد، أذلة على المؤمنين، أعزة على الكافرين، بقلوب نقية، وأرواح تقية، ونفوس أبية، يقدمهم النصر، ويشملهم الظفر، تمدهم ملائكة غلاظ شداد، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون.
فما أنت وقومك إلا كمناخ نعم، أو كمراح غنم؛ فإما نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون، وأنت في القفص مصفودا، ونتوفنيك فإلينا مرجعهم فعندها تخسر الدنيا والآخرة، ذلك هو الخسران المبين، " فَأَنْذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى، لاَ يَصْلاَهَا إِلاَّ الأَشْقَى الَّذِي كَذَّبَ وَتَولَّى "، " كأَنهم يوم يَرَوْنَ ما يُوعدُونَ لم يَلبثوا إلا ساعةَ من نهارٍ، بلاغٌ فهل يُهْلَكُ إِلا القومُ الفاسقون ".
فليتدبر من كان ذا تدبر، وليتفكر من كان ذا تفكر، وليحذر يوم القيامة من الحسرة والندامة، " أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يحَسْرَتَي عَلَى مَا فَرَّطتُ في جَنبِ اللهِ "، ويا حسرتنا على ما فرطنا، ويا ليتنا نرد فنعمل غير الذي كنا نعمل، هيهات غلبت عليكم شقاوتكم وكنتم قوماً بوراً.
والسلام على من اتبع الهدى، وسلم من عواقب الردى، وانتمى إلى الملأ الأعلى، وحسبنا الله وكفى، وهو حسبنا ونعم الوكيل، ونعم المولى ونعم النصير.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على نبينا النبي الأمى والطيبين من عترته، وسلم تسليماً.
فأجاب الحسن بن الأعصم بما نصه: من الحسن بن أحمد القرمطي الأعصم: