للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ودخل فى دعوته من العرب طائفة، فنصب فيهم دعاة، فلم يتخلف عنه رفاعى ولا ضبعى، ولم يبق من البطون المتصلة بسواد الكوفة بطن إلا دخل فى الدعوة منه ناس كثير أو قليل:

من بنى عابس، وذهل، وعنزة، وتيم الله، وبنى ثعل، وغيرهم من بنى شيبان؛ فقوى قرمط، وزاد طمعه، فأخذ فى جمع الأموال من قومه:

فابتدأ يفرض عليهم أن يؤدوا درهما عن كل واحد، وسمى ذلك: «الفطرة»، على كل أحد من الرجال والنساء، فسارعوا إلى ذلك.

فتركهم مديدة، ثم فرض «الهجرة»، وهو دينار على كلّ رأس أدرك، وتلا قوله تعالى:

«خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ بِها، وَ صَلِّ عَلَيْهِمْ، إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ، وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ» (١).

وقال: «هذا تأويل هذا».

فدفعوا ذلك إليه، وتعاونوا عليه، فمن كان فقيرا أسعفوه.

فتركهم مديدة، ثم فرض عليهم «البلغة» وهى سبعة دنانير، وزعم أن ذلك هو البرهان الذى أراد الله بقوله:

«قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» (٢).

وزعم أن ذلك بلاغ من يريد الإيمان، والدخول فى السابقين المذكورين فى قوله تعالى:

«وَالسّابِقُونَ السّابِقُونَ * أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ» (٣).

وصنع طعاما طيبا حلوا لذيذا، وجعله على قدر البنادق، يطعم كل من أدّى إليه سبعة دنانير منها واحدة، وزعم أنه طعام أهل الجنة نزل إلى الإمام، فكان ينفذ إلى كلّ داع منها مائة بلغة، ويطالبه بسبعمائة دينار، لكل واحدة منها سبعة دنانير.


(١) الآية رقم ١١٣ م، السورة ٩ (التوبة)
(٢) الآية ١١١ م، السورة ٢ (البقرة)
(٣) الآية ١٠ ك، السورة ٥٦ (الواقعة)