للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم لم تقنع فى انتكاسك، وترديتك فى ارتكاسك، وارتباكك وانعكاسك، من خلافك الآباء ومشيك القهقرى، والنكوص على الأعقاب، والتسمى بالألقاب، بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان، وعصيانك مولاك، وجحدك ولاك، حتى انقلبت على الأدبار، وتحملت عظيم الأوزار، لتقيم (١) دعوة قد درست، ودولة قد طمست، إنك لمن الغاوين، وإنك لفى ضلال مبين.

أم تريد أن ترد القرون السالفة، والأشخاص الغابرة؟

أما قرأت كتاب السفر، وما فيه من نص وخبر؟

فأين يذهبون إن هى إلا حياتكم الدنيا، تموتون وتظنون أنكم لستم بمبعوثين، «قُلْ بَلى وَ رَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِما عَمِلْتُمْ وَذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ» (٢).

أما علمت أن المطيع آخر ولد العباس، وآخر المترايس فى الناس؟

أما تراهم «كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ، * فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ» (٣)؟

ختم والله الحساب، وطوى الكتاب، وعاد الأمر إلى أهله، والزمان إلى أوله، وأزفت الآزفة، ووقعت الواقعة، وقرعت القارعة، وطلعت الشمس من مغربها، والآية من وطنها، وجئ بالملائكة والنبيين وخسر هنالك المبطلون، هنالك الولاية لله الحق والملك لله الواحد القهار، فله الأمر من قبل ومن بعد، ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر الله من يشاء، «يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمّا أَرْضَعَتْ، وَ تَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَ تَرَى النّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ» (٤).

فقد ضلّ عملك، وخاب سعيك، وطلع نحسك، وغاب سعدك (٥)، حين آثرت الحياة


(١) أمام هذا اللفظ بالهامش فى النسختين: «يعنى أنه يريد اقامة دولة بنى العباس بكونه أخذ منهم السلاح والمال من أبى تغلب بن حمدان، وقدم يقاتل المعز نصرة لهم».
(٢) الآية ٧، السورة ٦٤ (التغابن).
(٣) الآيتان ٧ و ٨، السورة ٦٩ (الحاقة)
(٤) الآية ٢، السورة ٢٢ (الحج).
(٥) ج: «سعيك».