للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدنيا على الآخرة، ومال بك الهوى، فأزالك عن الهدى، فإن تكفر أنت ومن فى الأرض جميعا فإن الله هو الغنى الحميد.

ثم لم يكفك ذلك - مع بلائك وطول شقائك - حتى جمعت أرجاسك وأنجاسك، وحشدت أوباشك وأقلاسك، وسرت قاصدا إلى دمشق وبها جعفر بن فلاح فى فئة قليلة من كتامة وزويلة، فقتلته وقتلتهم، - جرأة على الله وردّا لأمره -، واستبحت أموالهم، وسبيت نساءهم، وليس بينك وبينهم ترة ولا ثأر، ولا حقد ولا أضرار، فعل بنى الأصفر والترك والخزر؛ ثم سرت أمامك ولم ترجع، وأقمت على كفرك ولم تقلع، حتى أتيت الرملة وفيها سعادة بن حيان فى زمرة قليلة وفرقة يسيرة، فاعتزل عنك إلى يافا، مستكفيا شرك، وتاركا حربك، فلم تزل ماكثا على نكثك باكرا وصابحا، وغاديا ورائحا، تقعد لهم بكل مقعد، وتأخذ عليهم بكل مرصد، وتقعدهم بكل مقصد، كأنهم ترك وروم وخزر، لا ينهك عن سفك الدماء دين، ولا يردعك عهد ولا يقين، قد استوعب من الردى حيزومك، وانقسم على الشقاء خرطومك.

أما كان لك مذكر، وفى بعض أفعالك مزدجر؛ أو ما كان لك فى كتاب الله ﷿ معتبر حيث يقول:

«وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ وَ أَعَدَّ لَهُ عَذاباً عَظِيماً» (١)؟

فحسبك بها فعلة تلقاك يوم ورودك وحشرك حين لا مناص، ولا لك من الله خلاص، ولم تستقبلها، وكيف تستقبلها وأنى لك مقيلها؟

هيهات، هيهات، هلك الضالون، وخسر هنالك المبطلون، وقلّ النصير، وزال العشير؛ ومن بعد ذلك تماديك فى غيّك، ومقامك فى بغيك، عداوة لله ولأوليائه، وكفرا لهم وطغيانا، وعمى وبهتانا.

أتراك تحسب أنك مخلّد أم لأمر الله راد؟


(١) الآية ٩٣، السورة ٤ (النساء).