للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما ذكر له أن قائدة الفضل ابن صالح كانت له جهود واضحة فى إنهائها والقبض على زعيمها، قال: وماذا فعل الفضل؟ لقد قبض عليه ملك النّوبة وأرسله إلينا.

وهكذا كانت مشكلة الحاكم الأولى أنه كان يحاول طوال عهده العمل على أن يكون بشخصه قوة فعالة فى إدارة شئون الدولة، متحررا من الضغوط التى كانت تتجاذبه من داخل القصر وخارجه على السّواء. وفى سبيل هذا كان يكثر من الرّكوب منفردا فى غير موكب، ليلا ونهارا، ويطوف بالأسواق للتعرّف بنفسه على أحوال الناس، وكان هؤلاء يتقدّمون إليه بظلاماتهم وشكاواهم، فيتسلّمها منهم بنفسه ويعمل على إنصافهم.

وقد مكنه هذا من اتخاذ قرارات عدّة تحتسب لصالحه وتعدّ من مفاخره:

١ - فمن ذلك أنّه أصدر - فى أكثر من مناسبة - قرارات بمنع ذبح البقر الولود أو العاملة، حتى يتوفّر بذلك من الإنتاج الحيوانى ما يسدّ حاجة البلاد ومن حيوانات الحقل ما يمكّن الفلاحين من العناية بالمزروعات وتحسين محصولها.

٢ - وأصدر قرارا بإنشاء دار يحتفظ فيها بأموال اليتامى الذين يشرف القضاة وأعوانهم على رعايتهم؛ ونظم طريقة الإشراف، إذ أمر «ألاّ يودع عند عدل ولا أمين شيء من أموال اليتامى، وأن يكتروا مخزنا تودع فيه هذه الأموال؛ فإذا أرادوا دفع شيء منها حضر أربعة من ثقات القاضى وجاء كلّ أمين فأطلق لمن يلى عليه رزقه بعد مشورة القاضى فى ذلك، ويكتب على الأمين وثيقة بما يقبضه من المال لمن يلى عليه» (١). والسبب المباشر لهذا التنظيم وفاة القاضى محمد بن النعمان تاركا دينا عليه للأيتام وغيرهم قدّر بعشرين ألف دينار، أو بستة وثلاثين ألف


(١) راجع هذا فى أحداث سنة ٣٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>