للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأقاموا ليلتين في الحوانيت والشوارع وعلى أبواب الدور يظهرون المسرة والفرح.

وأظهر أبو ركوة في مواقف الألم صبرا وتجلدا؛ وكان لا يخاطب القائد الفضل إلا باسمه أو بكنيته. ولما أقام في بركة الحبش، وخرج الناس ورأوه، كان يسأل من يلقاه عن اسمه وكان يتلو القرآن ويترحم على السلف. وكان شاباً أسمر تعلوه حمرة، مستن الوجه طويل الجبهة، أشهل بزرقة، أقنى، صغير اللحية، أصهب إلى الشقرة ظاهر القلوب تبين فيه الجد، لا يكاد يتجاوز ثلاثين سنة يوم قتل. ويقال إنه ولد رجل من موالي بني أمية.

ولما قتل أبو ركوة نفذت الكتب إلى الأعمال كلها بخبر الفتح. فلما كان في رجب ورد شيوخ كل ناحية وقضاتها، وقضاة الشام وشيوخه، لتهنئة الحاكم بالظفر وأخذ أبي ركوة. وقدم أبو الفتوح حسن بن جعفر الحسني أمير مكة في شعبان لتهنئته، فخلع عليه وأكرمه، وأنزل بدار برجوان.

وفيه أرجف الناس بأن القائد فضل بن صالح ينظر في أمور الدولة وتدبيرها بدل قائد القواد حسين بن جوهر؛ وكان بينهما في الباطن تباعد من جهة الرتبة والحسد عليها: وكان القائد فضل قد تفاقم وعظم تيهه وترفعه على قائد القواد في قوله وفعله: قال المسبحي: قال لي الحاكم بأمر الله وقد جرى حديث أبي ركوة: ما أردت قتله ولكن جرى في أمره

<<  <  ج: ص:  >  >>