٦ - وأصدر الحاكم قرارات بإلغاء كثير من المكوس التى كانت قد ابتدعت، من ذلك مكس الرّطب ومكس دار الصابون ومكس بعض التجارات التى كانت تصل بحرا إلى مدينة القلزم، والمكوس التى كانت تجبى لدارى الشرطة بالقاهرة ومصر. ويتحدث المقريزى عن هذا كله فى مناسباته ..
٧ - وفى سنة عشر وأربعمائة ورد على مصر رجل من سجلماسة يريد الحج، فأودع ماله عند رجل فى السّوق. فلمّا عاد من الحج طلب ماله فأبى أن يدفعه إليه؛ فتوصّل إلى أن أطلع الحاكم على أمره، فقال له:«اجلس فى دكان مقابلا لدكانه، فإذا جزت فى ذلك السّوق فاعمل كأنك تعرفنى وكأنى أعرفك. فلمّا مرّ الحاكم وقف على الرّجل وسأل عن حاله وأكثر معه الوقوف، وانصرف. فجاء الرجل الذى عنده الوديعة إلى الرجل وأكبّ عليه وسأله الصفح عمّا سلف منه، وأحضر إليه جميع ماله. فعرف الحاكم بذلك، فأصبح الذى أنكر الوديعة مقتولا معلّقا برجله».
٨ - أما من الناحية المذهبيّة، فقد اتّهم الحاكم بتنكيله بأهل السنّة بعد أن كان قد خفف عنهم القيود، وأباح لهم دراسة مذاهبهم، ومكّنهم من ذلك فى دار العلم التى أنشأها للدّرس والبحث. وهذا الاتّهام يعوزه شيء من تعرّف الظّروف التى أقدم الحاكم فيها على تقريب المالكية ثم على العدول إلى مذهبه القديم. ذلك أن المعزّ بن باديس صاحب القيروان كتب إليه يستنكر بعض أفعاله، فأراد الحاكم أن يسترضيه ويستميله إليه، فأظهر اهتمامه بدراسة مذهب المالكية، وأحضر العلماء لمناظرتهم فى مذهبهم، وأمر بمحو سبّ الصحابة من المساجد والأسواق، ونهى عن ذكرهم بغير ما يجب لهم من الإعزاز والتقدير. ثم تغيّرت الأحوال فعاد الحاكم إلى مذهبه القديم الذى نشأ أسلافه عليه والذى تمسك خلفاؤه به إلى أن قضى الله بزوال دولة