للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولم يبق من شيوخهم إلاّ من قاد إليه الفرسين والثلاثة بمراكبها. وحمل لسلمان [بن جعفر] ابن فلاح ما يتجاوز ألف رأس، وجلّ رحل العزيز وأمتعته. وباع من الخيل والبغال والنّجب والحمر ما يتجاوز الألوف؛ حتى بيعت الناقة بستة دنانير، والحمار الذى قيمته أربعون دينارا بأربعة دنانير. وقطع أكثر الرسوم التى كانت لأولياء الدولة من الأتراك والعبيد، وقطع أكثر ما كان فى المطابخ. وقطع أرزاق جماعة أرباب الراتب، وفرّق كثيرا من الجوارى طلبا للتّوفير.

واصطنع أحداث (١) المغاربة، فكثر عبث أشرارهم وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم فى الطرقات، وعرّوا جماعة من الناس، فكثرت الشكاية منهم ولم يبد كبير نكير؛ فأفرط الأمر حتى تعرضوا إلى الأتراك يريدون أخذ ثيابهم، فثار لذلك شرّ قتل فيه واحد من المغاربة وغلام تركىّ؛ فسار أولياء الكتامى ليأخذوا (٢) التركى قاتله ويأتوا به إلى قبر المقتول فيعتقوه هناك؛ فلما أخذوه قتلوه على قبر الكتامى. فاجتمعت أكابر الطائفتين وتحزّبوا، فوقعت الحرب بينهما وقتل جماعة، وانطلقت ألسن كل منهما فى الآخرين بالقبيح. وأقاموا على مصافهم (٣) يومين آخرهما تاسع شعبان، فركب ابن عمّار فى عاشره بآلة الحرب وقد حفّت به المغاربة؛ وتبادر إليه الاتراك؛ فاقتتل الفريقان وقتل منهما جماعة وجرح كثير.

وجئ لابن عمّار بعدّة رءوس طرحت بين يديه، فأنكر ذلك وظهر له الخطأ فى ركوبه، فعاد إلى داره.

وجاء برجوان ليصلح الأمر، فثار الغلمان وركبوا دار ابن عمّار للفتك به، فأركب


(١) الأحداث: رجال الشرطة المكلفون بإخماد الفتن والاضطرابات وعقاب مثيرى الشغب، وهم أيضا رجال الحرس الإقليمى. انظر Dozy;Supp.Dict.Ar وكذلك Reinaud;J.A;١٨٤٨.II .
(٢) فى الأصل: أن يأخذوا.
(٣) المصاف جمع مصف وهو الموقف فى الحرب، وموضع الصف فى القتال. لسان العرب، انظر أيضا:
Dozy:supp.Dict.Ar .