للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برجوان إلى القصر وانبسطت أيدى المغاربة وأحداث الغلمان والنهابة، فانتهبوا دار ابن عمار واسطبلاته، ودار رشا غلامه، وأخذوا ما لا يحصى كثرة (١).

وانعزل لثلاث بقين منه، وتحوّل من القاهرة إلى داره بمصر. فكانت أيام نظره أحد عشر شهرا غير خمسة أيام. فأقام بمصر سبعة وعشرين يوما، ثم عاد إلى القاهرة بأمر الحاكم فأقام بها لا يركب ولا يجتمع به سوى خدمه؛ وأطلقت له رسومه وجراياته وجرايات حشمه على رتبه فى أيام نظره.

وتقدم [الحاكم] إلى برجوان أن ينظر فى التّدبير على ما كان ابن عمار، فنظر فى ذلك لثلاث بقين من رمضان، وسار إلى القصر وجمع الغلمان الأتراك ونهاهم عن التعرض لأحد من الكتاميين والمغاربة. وقبض على عريف الباطلية (٢)، فإنهم كانوا قد نهبوا شيئا كثيرا لابن عمّار، وألزمه بإحضار ما نهب أصحابه. وأجرى الرّسوم والرواتب التى قطعها ابن عمّار، وأجرى لابن عمّار ما كان يجرى له فى أيام العزيز، ولآله وحرمه؛ ومبلغ ذلك من اللحم والتوابل والفاكهة خمسمائة دينار فى كل شهر، يزيد على ذلك تارة وينقص أخرى على قدر الأسعار، مع ما كان له من الفاكهة، وهو فى كل يوم سلة بدينار، وعشرة أرطال شمع كل يوم، وحمل ثلج عن يومين؛ فأجرى له ذلك مدة حياته.


(١) يذكر ابن القلانسى أن برجوان خشى على نفسه من ابن عمار والكتاميين، فانتهز فرصة غيبة كثير من الكتاميين فى الشام مع سلمان بن جعفر بن فلاح فاتفق مع شكر العضدى على الإيقاع بابن عمار «وقررا أن يركبا ويركب على أثرهما جماعة من الغلمان، فإن أحسوا وأحسسنا ما يريبنا رجعنا وفى ظهورنا من يمنع منا». فلما وصلا دار ابن عمار أحسا بما كان يدبره هو أيضا للإيقاع بهما فرجعا، وجرد غلمانهما السيوف لحمايتهما. ثم دخل برجوان وشكر قصر الحاكم يبكيان، وثارت الفتنة واجتمع الأتراك والديلم والمشارقة وعبيد الشراء بالسلاح … ثم دار قتال عنيف بين الفريقين فى الصحراء فهزم ابن عمار ونهبت داره ودور رجاله. ذيل تاريخ دمشق: ٤٨ - ٤٩. ويشرك النويرى معهما منجوتكين.
(٢) بدأ ظهور الباطلية جماعة متميزة - على ما يبدو - زمن المعز لدين الله، ذلك أنه قسم العطاء فى إحدى المناسبات على الناس، فجاءت إليه طائفة وسألته نصيبها فى العطاء، فقال: فرغ المال. فقالوا: رحنا نحن فى الباطل. فسموا الباطلية. ويهم تعرف الحارة المعروفة فى منطقة الأزهر، وتسمى أيضا الباطنية. النجوم الزاهرة: ٤٦:٤؛ الخطط: ٨:٢.