هلال في جبل غزوان عند الطائف؛ وكانوا يطرقون العراق في رحلة الشتاء والصيف فيغيرون على أطراف الشام والعراق؛ وكانت بنو سليم تغير على الحاج أيام الموسم وزيارتهم المدينة. ثم تجهز بنو سليم وكثير من ربيعة بن عامر إلى القرامطة عند ظهورهم، وصاروا جنداً لهم بالبحرين وعمان، وقدموا معهم إلى الشام. فلما غلبت القرامطة في أيام المعز لدين الله أبي تميم معد، ثم في أيام ابنه العزيز بالله أبي منصور نزار، وانهزموا من الشام إلى البحرين نقل العزيز بالله من كان معهم من بني هلال وسليم إلى مصر، وأنزلهم بالجانب الشرقي من بلاد الصعيد. وأقاموا هنالك وأضروا بالبلاد إلى أن ملك المعز بن باديس القيروان في سنة صمان وأربعمائة، وهو ابن ثماني سنين، من قبل الظاهر لإعزاز دين الله علي بن الحاكم بأمر الله، فامتدت أيامه حتى قام في الخلافة المستنصر بالله أبو تميم معد بن الظاهر، واستوزر أبا محمد اليازوري، فأنف من مكاتبته بالمولى؛ وكان ما تقدم ذكره.
فحلف المعز بن باديس ليحلون الدعوة إلى بني العباس، ولج في ذلك، وقطع الدعاء للمستنصر، وأزال اسمه من الطرز والرايات، ودعا للقائم أبي جعفر بن القادر في سنة أربعين وأربعمائة، وكتب إليه بذلك. فكتب إليه بالعهد صحبة أبي الفضل بن عبد الواحد التميمي، فقرأ كتابه بجامع القيروان، ونشر الرايات السود، وهدم دار الإسماعيلية. ووصل الخبر بذلك إلى القاهرة؛ فأشار اليازوري بتجهيز أحياء هلال بن جشم. والأشروزينية ورياح وعدي وربيعة إلى المغرب، وتولية مشايخهم أعمال إفريقية. فقبلت مشورته. وأرسل إليهم في سنة إحدى وأربعين، وحمل إلى مشايخهم الأموال، وأنعم على سائرهم بفرو ودينار لكل أحد، وأبيح لهم حمى المغرب.
وكتب اليازوري إلى المعز بن باديس: أما بعد؛ فقد أنفذنا إليكم خيولا فحولا، وأرسلنا عليها رجالا كهولا ليقتضي الله أمراً كان مفعولاً.