وفى عشية النهار تهارب الناس من دب عظيم سقط من الجبل إلى المقابر، فانجفل النّاس فى درب الصحراء ظنا أن العبيد كبستهم؛ فكان خوف شديد.
وفى يوم الخميس عاشره كان عيد النحر، فركب الظاهر إلى المصلّى من باب الفتوح على عادته بعد أن رسم لسائر العرائف أن تلزم كلّ عرافة مكانها وحارتها، وتكون صلاة العسكر بأجمعهم فى حاراتهم مع أزمّتهم؛ فامتثلوا ذلك. وصلّى وخطب بعد أن استدعى داعى الدعاة قاسم بن عبد العزيز بن النعمان وسلّمه الثبت بأسماء من جرت عادته بطلوع المنبر، فاستدعى شمس الملك، وبهاء الدّولة مظفر صاحب المظلة، وعلى بن مسعود، وحسن ابن رجاء بن أبى الحسين، وعلى بن فضل، وإبراهيم الجليس، وعبد الله بن الحاجب، وتأخر القاضى وغيره لمرضهم فلم يشهدوا صلاة العيد. فلمّا انقضت الخطبة نزل الظاهر إلى المنحر بالمصلّى، فنحر ناقة وعاد إلى قصره؛ ومشى إلى المنحر بصحن القصر تجاه ديوان الخراج فنحر تسعا من النّوق ثم انصرف. فحضر أبو الحسن على بن محمد الطّريقى، كاتب قاضى القضاة، لتفرقة لحم الأضاحى على أرباب الرسم، فنهبته العسكر وجرى عليه كلّ قبيح. ومدّ السّماط بحضرة الظاهر، فلما جلس أهل الدّولة عليه للأكل كبس العبيد القصر وهم يصيحون: الجوع، نحن أحقّ بسماط مولانا ﵇؛ ونهبوا جميع ما على السّماط وضرب بعضهم بعضا والصقالبة تضربهم فلا يبالون. فكان أمرا صعبا وحسب الحاضرين أن نجوا سالمين.
فلما كان الغد ركب الظاهر إلى الرّحبة فى القصر تجاه ديوان الخراج، فنحر ثلاث عشرة ناقة، وعاد، ففرقها الطريقى. وشدّ من الغد، ثالث عيد النحر، فى مكان النحر خمس عشرة ناقة لتنحر، فلم يخرج الظاهر، فخلّى عنها، ثم شدّ خمس نوق غيرها نحرها الطريقى وفرّقها.