وفيها تحدث ابن أبي الليث في نقل السنة الشمسية إلى العربية، وكان قد حصل بينهما تفاوت أربع سنين، فأجاب الأفضل إليه، وخرج أمره إلى الشيخ أبي القاسم ابن الصيرفي بإنشاء سجل به، ثم رأى اختلال أحوال الرجال العسكرية والمقطعين، وتضررهم من حسبة ارتفاع إقطاعاتهم وسوء حالهم، لقلة المتحصل منها، ولأن إقطاعات الأمراء قد تضاعف ارتفاعها وزادت عن غيرها؛ وصار في كل ناحية للديوان جملة تجبى بالعسف وتتردد الرسل بين الديوان بسببها. فحملت الإقطاعات كلها على أملاك البلاد، وامر ضعفاء الجند بلزيادة في الاقطاعات التي للاقوياء فتزايد والى ان انتهت الزيارة فكتبت السجلات بأنها باقية في أيديهم مدة ثلاثين سنة ما يقبل منهم فيها زائد. وأمر الأقوياء أن يبذلوا في الإقطاعات التي كانت بيد الأجناد ما تحتمله كل ناحية، فتزايدوا فيها حتى بلغت إلى الحد الذي رغب كل منهم فيه فكتبت لهم السجلات على الحكم المتقدم؛ فشملت المصلحة الفريقين وطابت نفوسهم، وحصل للديوان بلاد مفردة بما كان مفرقا في الإقطاعات بما مبلغه خمسون ألف دينار.
وفيها فرغ بناء دار الملك؛ وكان الأفضل يسكن القاهرة فتحول إلى مصر، وسكن دار الملك على النيل واستقر بها، فقال الشعراء فيها عدة قصائد.
وفيها بانت كراهة الأفضل لأولاده واحتجب عنهم أكثر الأوقات، فانقطعوا عنه واستقروا بالقاهرة في دار القباب التي كانت سكن أبيهم الأفضل، وهي الدار التي عرفت بدار الوزارة؛ ولم يبق من أولاده من يتردد إليه سوى سماء الملك فإنه كان يؤثره ويميل إليه.
وأفرد الأفضل للقائد أبي عبد الله بن فاتك الموضع المعروف باللؤلؤة.