وفيها وردت الأخبار بأن متملك النوبة قد تجهز براً وبحراً وعول على قصد البلاد القبلية؛ فسير الأفضل عسكراً إلى قوص، وتقدم إلى والي قوص بأن يسير بنفسه إلى أطراف بلاد النوبة؛ فورد الخبر بوثوب أخير الملك عليه وقتله. واشتدت الفتنة بينهم حتى باد أهل بيت المملكة وأجلس صبي في الملك، فأرسلت أمه تستجير بعفو الأفضل وتسأله ألا يسير إليهم من يغزوهم. فكتب لوالي الصعيد الأعلى بأن يسير عسكراً إلى أطراف بلاد النوبة ويبعث إليهم رسولاً يجدد عليهم القطيعة الجاري بها العادة، وهي كل سنة ثلثمائة وستون رأساً رقيقاً بعد أن يستخلص منهم ما يجب عليهم في السنين المتقدمة. فلما دخلت العساكر نحوهم دخلوا تحت الطاعة، وكتبوا المواضعات، وسألوا في الإعفاء عما يخص السنين، وحملوا ما تيسر لهم؛ وعادت العساكر كاسبة.
وفيها كثر خوض الناس في القرآن، هل هو محدث أو قديم، وتفاقم الأمر؛ فعرف الأفضل، فأمر بإنشاء سجل بالتحذير من الخوض في ذلك؛ وركب بنفسه إلى الجامع بمصر، وجلس في المحراب بجوار المنبر، وصعد الخطيب أربع درجات منه وقرأ السجل على الناس.
وفيها مات مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان صاحب قونية وأقصرا، فقام بعده ابنه قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان، وقسم أعماله بين أولاده.