ولم يكن أحد من السلاطين المتقدمين كاشفهم فى أمر نسبهم احتقارا منه بهم وببلدهم، ولبعد ما بينهم من المسافة، فجرى أمرهم على ما ذكرنا - منذ ملك سعيد المسمى بعبيد الله المغرب إلى أن جلس نزار بن معدّ يعنى العزيز - بمصر.
ثم ملك فنّا خسرو (١) بن الحسن الديلمى بغداد، فقرّب ما بينهما من المسافة، فجمع العلويين ببغداد، وقال لهم:
«هذا الذى بمصر يقول إنه علوى منكم».
فقالوا:
«ليس هو منا».
فقال لهم.
«ضعوا خطوطكم».
فوضعوا خطوطهم أنه ليس بعلوى، ولا من ولد أبى طالب.
ثم أنفذ إلى نزار بن معد رسولا يقول له:
«نريد نعرف ممن أنت؟».
(١) فى الأصل: فناخسر، وهو عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو ابن ركن الدولة أبى على الحسن بن بويه الديلمى، كانت مدة حكمه (٣٦٧ - ٣٧٢)، اتسع ملكه حتى شمل ملك سابقيه من البويهيين، وضم الى ذلك الموصل وبلاد الجزيرة، وهو أول من خوطب بالملك فى الاسلام، وأول من خطب له على المنابر ببغداد بعد الخليفة، وكان من ألقابه تاج الملة، فلما صنف له أبو اسحاق الصابى كتاب التاجى فى أخبار بنى بويه أضافه الى هذا اللقب، وكان عضد الدولة محبا للفنون مكرما لأهلها، فقصده فحول الشعراء ومدحوه، وخاصة المتنبى الذى وفد عليه وهو بشيراز فى جمادى الأولى سنة ٣٥٤، ومدحه بقصائد كثيرة كان آخرها قصيدته الكافية التى ودعه فيها وهى آخر شعر المتنبى، وقد أنشأ فناخسرو البيمارستان العضدى ببغداد، وفرغ من بنائه سنة ٣٦٨، وتوفى سنة ٣٧٢ ببغداد، ودفن بدار الملك، ثم نقل الى الكوفة، ودفن بمشهد على بن أبى طالب. انظر: (ابن خلكان: الوفيات، ج ٢، ص ١٥٩ - ١٦٢) و (المقريزى: نحل عبر النحل، نشر الشيال، ص ٨٣، ٩٣، ٩٤).