وسار إلى قتال الكتاميين فتلاقى مع طلائعهم، فانهزمت الطلائع، وتبعهم البربر إلى رقادة، فنزل أبو يزيد بالقرب من القيروان في مائة ألف مقاتل، وقاتل أهل رقادة، فقتل من أهل القيروان خلقا كثيرا، ودخل القيروان عسكره في أواخر صفر، فانتهبوا البلد وقتلوا، وأخذ عامل القيروان فحمل إلى أبي يزيد فقتله.
وخرج شيوخ القيروان إلى أبي يزيد وهو برقادة فطلبوا الأمان فماطلهم، وأصحابه يقتلون وينهبون، فعادوا إلى الشكوى وقالوا: خربت المدينة.
فقال: وما تكون؟ خربت مكة والبيت المقدس؟!
ثم قدم ميسور في عساكر عظيمة، فالتقى بأبي يزيد، واشتد القتال بينهما، وقتل ميسور، وحمل رأسه إلى أبي يزيد، فانهزم عامة عسكره.
وسير أبو يزيد الكتب إلى عامة البلاد يخبر بهذا الظفر فخاف القائم ومن معه بالمدينة، وانتقل الناس من أرباضها، فاحتموا بالسور، فمنعهم القائم، ووعدهم الظفر، فعادوا إلى زويلة واستعدوا، وأقام أبو يزيد شهرين وثمانية أيام في خيم ميسور، وهو يبعث السرايا إلى كل ناحية، فيغنمون ويعودون؛ وفتح سوسة بالسيف، وقتل الرجال، وسبى النساء، وأحرق البلد، وشق أصحابه فروج النساء، وبقروا البطون، حتى لم يبق موضع في إفريقية معمور، ولا سقف مرفوع، ومضى جميع من بقى إلى القيروان حفاة عراة، فمات أكثرهم جوعا وعطشا.