للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومشى فى ركابه القوّاد على عادة من تقدّمه، وخرج بتشريف الوزارة، ودخل من باب العيد راكبا، ووصل إلى داره، فضاعف الرسوم وأطلق الهبات.

وفى خامسه اجتمع الأمراء واستدعى الشيخ أبو الحسن بن أبى أسامة، فحضر بالسجلّ فى لفافة خاصّ مذهبة فسلّمه الخليفة إلى الأجل المأمون من يده، فقبّله وسلّمه لزمام القصر، وأمر الخليفة المأمون فجلس عن يمينه، وقرئ السّجلّ على باب المجلس؛ وهو أول سجل قرئ بهذا المكان، وكانت سجلاّت الوزراء قبل ذلك تقرأ بالإيوان. ورسم للشيخ أبى الحسن أن ينقل نسبة الأمراء والمحنّكين والناس جميعهم من الآمرى إلى المأمونى، ولم يكن أحد قبل ذلك ينتسب للأفضل ولا لأمير الجيوش. وقدّمت للمأمون الدّواة فعلم فى مجلس الخليفة؛ وتقدم للأمراء والأجناد فقبّلوا الأرض وشكروا هذا الإحسان. وأحضرت الخلع؛ فخلع على حاجب الحجاب حسام الملك وطوّق بطوق ذهب وسيف ذهب ومنطقة ذهب؛ وخلع على الشيخ أبى الحسن بن أبى أسامة كاتب الدست، وعلى الشيخ أبى البركات بن أبى اللّيث، وعلى أبى الرّضا سالم بن الشيخ أبى الحسن، وعلى أبى المكارم أخيه، وعلى أبى محمّد أخيهما، وعلى أبى الفضل يحيى بن سعيد الميمذى (١) ووصل بدنانير كثيرة بحكم أنه قرأ السّجلّ.

وخلع على أبى الفضائل بن أبى الليث صاحب مغفر المجلس. ثم استدعى غذى الملك سعيد ابن عمّار الضيف متولى أمور الضيافات والرسل الواصلين الحضرة من جميع الجهات وأخذ أقلامه على التوقيعات فخلع عليه. وفى الأيام الأفضلية لم يكن أحد يدخل مجلسه ولا يصل لعتبته لا من الحجّاب ولا غيرهم سوى غذى الملك هذا فإنه كان يقف من داخل العتبة؛ وكانت هذه الخدمة إذ ذاك من أجلّ الخدم وأكبرها.

وقال أبو الفتح ابن قادوس (٢) فى مدح المأمون، وقد زيد فى نعوته:

قالوا أتاه النّعت، وهو السيد ال … مأمون حقّا، والأجلّ الأشرف


(١) بهامش الأصل حاشية تقول: «وبخطه: الميمذى نسبة إلى ميمذ بفتح الميمين بينهما ياء، آخر الحروف، وفى آخرها ذال معجمة، وهى كورة من كور آذربيجان. قال الدمياطى: وكان لأبى الفضل أن ينشئ ما يصدر عن ديوان المكاتبات، ويحرر ما يؤمر به من المهمات». اهـ.
(٢) القاضى أبو الفتح محمود بن اسماعيل بن حميد الفهرى، وأصله من دمياط. ذكر القاضى الفاضل أنه توفى سنة ٥٥١. خريدة القصر: قسم شعراء مصر: ٢٢٦:١ - ٢٣٤.