للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتفرق أصحابهم فى البلاد، وأظهروا الزهد والعبادة، يغرون الناس بذلك وهم على خلافه، فقتل أبو الخطاب وجماعة من أصحابه بالكوفة، وكان أصحابه قالوا له: «إنا نخاف الجند» فقال لهم: «إن أسلحتهم لا تعمل فيكم».

فلما ابتدءوا فى ضرب أعناقهم، قال له أصحابه:

«ألم تقل إن سيوفهم لا تعمل فينا؟»

فقال: «إذا كان قد بدا لله فما حيلتى؟»

وتفرقت هذه الطائفة فى البلاد، وتعلموا الشعبذة (١)، والنارنجيات (٢)، والنجوم، والكيمياء، فهم يحتالون على كل قوم بما ينفق عليهم، وعلى العامة بإظهار الزهد.

ونشأ لابن ديصان ابن يقال له «أبو عبد الله القداح (٣)» علّمه الحيل، وأطلعه على أسرار هذه النحلة، فحذق وتقدم.

وكان بنواحى أصبهان (٤) رجل يعرف بمحمد بن الحسين، ويلقب بدندان (٥)، يتولى


(١) يقال شعوذ وشعبذ، والشعوذة أو الشعبذة خفة فى اليد، وأخذ كالسحر، يرى الشئ بغير ما عليه أصله فى رأى العين، وهو مشعوذ ومشعوذ، والشعوذى رسول الأمراء على البريد (القاموس).
(٢) النارنجيات أو النيرنجيات عرفها (Dozy:Supp.Dict.Arab) بأنها الرقى أو الطلاسم أو السحر (enchantements) ، وجاء فى القاموس أن النيرنج أخذ كالسحر وليس به، انظر الفصل الذى عقده (ابن النديم فى الفهرست، ص ٤٢٩ - ٤٣٥) عن أخبار المعزمين والمشعبذين والسحرة، وأصحاب النارنجيات والحيل والطلسمات.
(٣) كذا فى الأصل وفى ج، وعند ابن الأثير «عبد الله القداح».
(٤) جاء فى (معجم البلدان لياقوت) نقلا عن حمزة بن الحسن أن أصبهان اسم مشتق من الجندية لأنه اذا رد الى أصله بالفارسية كان «أسباهان»، وهى جمع أسباه أى الجند، ويقال لها أيضا أصفهان، وقد اختلفت الروايات عند ذكر السنة التى فتحها فيها المسلمون، فهى سنة ١٩ أو ٢١ أو ٢٣، انظر أخبارها بالتفصيل فى: (أبو نعيم: أخبار أصفهان، جزءان) و (دائرة المعارف الاسلامية، مادة أصفهان وما بها من مراجع).
(٥) فى الأصل: «ديدان»، وقد اختلفت المراجع فى رسم هذا الاسم، فهو زيدان، وزندان، وذيذان .. الخ، كذلك اختلفت المراجع السنية والشيعية عند التعريف به، فهو فى المراجع السنية: محمد بن الحسين الملقب بدندان أو ذيذان، كان رجلا ثريا يعيش بنواحى كرخ وأصفهان، كما كان فارسيا شعوبيا، كارها للعرب، اجتمع وعبد الله بن ميمون فى سجن -