فى هذا الزمان، فنزل بعدن بقرب قوم من الشيعة يعرفون ببنى موسى، فأظهر أمره، وقرّب أمر المهدى، وأمرهم بالاستكثار من الخيل والسلاح.
واتصلت أخباره بالشيعة الذين بالعراق، فساروا إليه، وكثر جمعهم، وعظم بأسهم، وأغاروا على من جاورهم، وسبوا، وجبوا الأموال، وأرسل إلى من بالكوفة من ولد القداح هدايا عظيمة.
وأوفدوا إلى المغرب رجلين: أحدهما الحلوانى، والآخر أبو سفيان (١)، وقالوا لهما:
«إن المغرب أرض بور، فاذهبا فاحرثا حتى يجئ صاحب البذر».
فسارا، ونزل أحدهما بأرض كتامة، فمالت قلوب أهل تلك النواحى إليهما، وحملوا إليهما الأموال والتحف، فأقاما سنين كثيرة وماتا، وكان من إرسال أبى عبد الله الشيعى إلى المغرب ما كان.
فلما توفى عبد الله بن ميمون القداح ادّعى ولده أنه من ولد عقيل بن أبى طالب، وهم مع هذا يسترون أمرهم، ويخفون أشخاصهم.
وكان ولده أحمد هو المشار إليه منهم، فتوفى وخلّف ولده محمدا، ثم توفى محمد وخلّف أحمد والحسين، فسار الحسين إلى سلمية، وله بها ودائع من جهة جده عبد الله القداح، ووكلاء وغلمان.
وبقى ببغداد من أولاد القداح أبو الشلعلع، وكان الحسين يدّعى أنه الوصىّ وصاحب الأمر، والدعاة باليمن المغرب يكاتبونه، واتفق أنه جرى بحضرته حديث النساء بسلمية،
(١) يوجد بالهامش فى نسخة الأصل ونسخة (ج) تعريف بالحلوانى وأبى سفيان منقول عن المؤلف وخطه، ونصه: «بخطه: الحلوانى وأبو سفيان أنفذهما جعفر الصادق بن محمد الباقر بن على زين العابدين بن الحسين السبط بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب ﵈ الى بلاد المغرب فى سنة خمس وأربعين ومائة، وقال لهما: انكما تدخلان أرضا بورا لم تحرث قط، فاحرثاها وكرماها وذللاها حتى يأتى صاحب البذر، فيضع فيها حبه، فنزل أبو سفيان من أرض المغرب مدينة مرماجنة، ونزل الحلوانى بموضع يسمى سوق حماد، فلم يزالا يدعوان الناس لطاعة آل البيت حتى استمالا قلوب جمع كثير من كتامة وغيرها الى محبة آل البيت، وصاروا شيعة لهم الى أن دخل اليهم صاحب البذر أبو عبد الله الشيعى بعد مائة وخمس وثلاثين سنة، وكان من أمره ما كان».