للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والقاضى الجليس عبد العزيز بن الحسين بن الحباب، والقاضى السّعيد جلال الملك الأشرف ضياء الدين أبو على الحسن بن محمّد بن محمّد بن إسماعيل بن كاسيبويه، وأبو محمّد يحيى ابن خير، الملقب ديك الكرم الشاعر، وغيرهم (١).

وأما عبّاس فإنه سار بمن معه يريد أيلة ليسير منها إلى بلاد الشام، فأرسلت أخت الظافر إلى الفرنج بعسقلان رسلا (٢) على البريد تعلمهم الحال وتبذل لهم الأموال فى الخروج إلى عبّاس، وأباحتهم جميع ما معه، وأن يبعثوا به إلى القاهرة، فأجابوا إلى ذلك، وخرجوا إليه. فلمّا أدركوه ثبت لهم ودافعهم عن نفسه، فخذله أصحابه وفرّوا عنه مع أسامة بن منقذ إلى الشام، فقاتل الفرنج حتى قتل؛ وأسر ابنه نصر فعمل فى قفص حديد وحمل إلى القاهرة، فدخل به إلى القصر يوم الاثنين سابع عشرى ربيع الأول سنة خمسين وخمسمائة، وأخرج منه يوم الاثنين الثّامن عشر من ربيع الآخر قتيلا مقطوع اليد اليمنى، وصلب سحرا على باب زويلة، فكان يوما عظيما عند النّاس (٣). واستولى الفرنج على جميع ما كان معهم.

ولمّا سيّر الفرنج بنصر بن عبّاس إلى القاهرة أنشد عند ما عاين البلد:

بلى؛ نحن كنّا أهلها، فأبادنا … صروف الليالى والجدود العواثر

وخرج النّاس عند قدومه إلى القاهرة ليروه فبالغوا فى سبّه ولعنه، وبصقوا عليه، حتّى دخل القصر؛ وعرض فى القفص (٤) وقتل؛ قتله الجوارى نخسا بالمسالّ وصفعا بالنّعال


(١) ومن هؤلاء عمارة اليمنى الذى قال من قصيدة:
لكم يا بنى رزيك، لا زال ظلكم … مواطن، سحب الموت فيها مواطر
سللتم على عباس بيض صوارم … قهرتم بها سلطانه وهو قاهر
انظر: كتاب الروضتين: ٢٤٤:١.
(٢) فى الأصل: .. عمة الفرنج إلى الظافر بعسقلان. وهو خطأ من الناسخ لا يتصور أن يقع من المقريزى المؤلف. والتصحيح من السياق ومن النجوم الزاهرة: ٣١٠:٥؛ ومن نهاية الأرب: ٢٨؛ ومن غيرهما.
(٣) ويذكر أبو المحاسن أن أخت الظافر قطعت يد نصر اليمنى وأنه ضرب ضربا مهلكا وقرض جسمه بالمقاريض ثم صلب حيا على باب زويلة حتى مات، وبقى مصلوبا إلى يوم عاشوراء سنة إحدى وخمسين، ثم أنزل وأحرقت عظامه. ويروى أيضا أن الصالح طلائع بن رزيك هو الذى أرسل إلى الفرنج يطلب نصر بن عباس وبذل لهم أموالا، فلما وصل سلمه إلى نساء الظافر فأقمن يضربنه بالقباقيب والزرابيل أياما، وقطعن لحمه وأطعمنه إياه إلى أن مات، ثم صلب. (والزرابيل نوع من الخفاف تلبسه الجوارى). النجوم الزاهرة: ٣١٠:٥ - ٣١١.
(٤) القفص الذى أرسله فيه الفرنج إلى مصر بعد أسره وكان من الحديد. نفس المصدر: ٣١٠:٥.