للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقطعوا لحمه واشتووه وأطعموه إيّاه حتى مات، ثم أخرج وصلب على باب زويلة، وأحرق بعد ذلك.

وتتبّع الصّالح من كان مع نصر بن عبّاس فى قتل الظافر، فقتل قايماز وفتوّح الأخرس وابن غالب صبرا بين يديه فى جماعة معهم. وثبتت أموره فنعت نفسه بفارس المسلمين نصير الدّين، الصالح؛ ومدحه الشعراء بذلك.

وشرع الصّالح فى الميل على المستخدمين وأخذ أموالهم؛ وتتبّع أرباب البيوتات والنّعم والأعيان فسلبهم نعمهم. وقبض على عدّة من الأمراء وقتلهم فى ثالث عشر ربيع الأوّل، وعلى عدّة من أرباب العمائم، منهم أبو الحسن على بن سليم بن البواب ناظر الدّواوين، وكان عارفا بالحساب والمنطق والهندسة، مليح الشعر والتّرسّل، جيّد الكتابة.

وأخذ يعمل على الأمراء المتقدّمين فى الدّولة، مثل ناصر الدين ياقوت، صاحب الباب، وكان قد ناب عن الحافظ مرّة فى مرضة مرضها مدّة ثلاثة أشهر وكاد يولّيه الوزارة (١)؛ ومثل الأوحد بن تميم، والى دمياط وتنّيس، فإنه كان قد تحرّك لمّا سمع قضيّة عبّاس وسار يريد القاهرة، فسبقه طلائع بن رزّيك بيوم، فصار يحقد عليه كونه همّ بأمر ربّما نال به الوزارة، غير أنه لم يسعه إلاّ إعادته إلى ولايته وأضاف إليها الدّقهليّة والمرتاحية (٢) وهو يسرّ له المكر.

وكان من أمراء الدّولة تاج الملوك قايماز، وهو من أكابر الأمراء، ويليه ابن غالب؛ فحمل الأجناد عليهما حتى قتلا ونهبت دورهما.

ثمّ إنه قلق من قرب الأوحد منه وأراد إبعاده عنه، فنقله من ولاية دمياط وتنّيس


(١) يذكر أبو المحاسن فى هذا أن الخليفة «طلب أن يوزره فأبى ياقوت المذكور». نفس المصدر: ٣١٢:٥.
(٢) الدقهلية والمرتاحية كانتا ولاية واحدة، مجاورة لولاية الشرقية من جهة الشمال ينتهى آخرها إلى الأرض السبخة وإلى بحيرة تنيس المتصلة بالطينة من طريق الشام. ومقر الولاية مدينة أشموم بضم الهمزة وسكون الشين المعجمة على ضفة الشعبة التى تذهب إلى بحيرة تنيس من فرقة النيل الشرقية المارة إلى دمياط. وكان بهذه الولاية كورة تعرف باسم كورة دقهلية بفتح الدال والقاف وسكون الهاء فأصبحت قرية من عمل أشموم. وكان عمل الدقهلية يشمل ما يعرف الآن بمراكز فارسكور ودكرنس والمنزلة، من محافظة الدقهلية، بينما كان مركز المنصورة وأجا يكونان عمل المرتاحية. قوانين الدواوين: ٨٨، ٨٩؛ صبح الأعشى: ٣٨٧:٣، ٤٠٥ - ٤٠٦؛ النجوم الزاهرة: ٣١٢:٥: حاشية: ٣.