للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسار العسكر فوصلوا إلى القاهرة بكرة يوم الخميس سادسه، فنزلوا عند التّاج (١) بظاهر القاهرة، وانتشر العسكر فى البلاد يريدون الأكل والعلف.

وكان ضرغام قد كاتب أهل الأعمال فوصلوا إليه لخوفهم من الترك، فضمّهم إليه ومعهم الرّيحانيّة والجيوشيّة وجعلهم فى داخل القاهرة؛ فأقام شاور بمن معه على التّاج حتى استراحت خيولهم. ثم إنه استحلف شيركوه ومن معه أنهم لا يغدرون به ولا يسلمونه، ولا ينهزمون إلاّ عن غلبة. ومع هذا فإنّ طوائف من العربان كانت تطارد عسكر ضرغام بأرض الطّبالة (٢)، وخرج أهل منية السّيرج (٣) فقتلوا من الترك جماعة، فمالوا عليهم وانتهبوا المنية وأذاقوا أهلها نكالا شديدا. وأقام شاور بمن معه فى ناحية الخرقانية (٤) وشبرا دمنهور (٥)، ثم سار من ناحية المقس يريد القاهرة؛ فخرج إليه عسكر ضرغام وحملوا


(١) منظرة التاج من جملة المناظر التى أنشئت لينزلها خلفاء الفاطميين للنزهة. أنشأ هذه المنظرة الأفضل بن بدر الجمالى، وكان لها فرش معدة لتناسب الصيف والشتاء، وقد رأى المقريزى خرائبها وذكر أنه لم يبق بها أثر سوى كوم تحته حجارة كبيرة، وما حول هذا الكوم أصبح من جملة منية الشيرج التى كانت منطقة مزارع، وكانت الأرض التى أنشئ بها التاج بجانب الخليج متصلة بأرض الطبالة فى بستان متسع يعرف ببستان البعل. المواعظ والاعتبار: ٤٨١:١، ١٢٩:٢.
(٢) على جانب الخليج الغربى بجوار خطة المقس، وكانت من أحسن متنزهات القاهرة، وهبها الخليفة المستنصر بالله (٤٢٧ - ٤٨٧)، واسمه معد، إلى مغنيته المعروفة باسم نسب (بالسين المهملة أو الشين المعجمة)، بطلبها ذلك منه، عند ما غنته فى مناسبة الخطبة له ببغداد أيام ثورة البساسيرى:
يا بنى العباس صدوا … ملك الأمر معد
ملككم كان معارا … والعوارى تسترد
وموقعها الآن بين شارع الظاهر شمالا وغربا وسكة الفجالة وشارع الفجالة جنوبا وشارع الخليج المصرى شرقا. صبح الأعشى: ٣٥٦:٣؛ المواعظ والاعتبار: ١٢٥:٢ - ١٢٦؛ النجوم الزاهرة: ١٢:٥.
(٣) ويقال لها منية الأمراء ومنية الأمير، على بعد فرسخ من القاهرة فى طريق الإسكندرية. ويقال إن قتلى وقعة الخندق التى دارت بين مروان بن الحكم وعبد الرحمن بن جحدم والى مصر سنة خمس وستين دفنوا بموقعها وكانوا ثمانمائة. وكانت زمن الفاطميين من أحسن متنزهات القاهرة، عدا النهر عليها حتى صار جامعها القديم ودورها فى بر الجيزة؛ وفيها كان يعمل عيد الشهيد. وبها أنشأ الأفضل منظرة التاج وغيرها من المناظر. الخطط التوفيقية: ٦٧:١٦ - ٦٨.
(٤) على الشاطئ الشرقى للنيل، وهى الآن قرية صغيرة بمحافظة القليوبية، بينها وبين القناطر الخيرية نحو ثلثى ساعة بتقدير على مبارك باشا. وكانت فى العصر الفاطمى تسمى أيضا بالخاقانية. ويعدها ابن مماتى من أعمال الشرقية. وكانت تعتبر من خاص الخليفة وبها قصر الورد ودويرات (أحواض) يزرع بها. الخطط التوفيقية: ١٠، ٢٩٧؛ كتاب الروضتين: ٤٥٠:١؛ مفرج الكروب: ١٧٦:١؛ قوانين الدواوين: ٨٥؛ المواعظ والاعتبار: ٤٨٨:١ - ٤٨٩.
(٥) وتعرف اليوم باسم شبرا الخيمة، إحدى قرى ضواحى القاهرة، وتقع على فم الترعة الإسماعيلية فى الشمال الغربى للقاهرة على النيل. وإنما سميت قديما شبرا دمنهور لوقوعها جنوب مدينة دمنهور شبرا. وتعرف شبرا دمنهور عند القاهريين باسم شبرا البلد. ويعدها ابن مماتى من أعمال الشرقية كذلك. النجوم الزاهرة: ١٩:٥: حاشية: ١؛ قوانين الدواوين: ١٥٢؛ الخطط التوفيقية: ١١٩:١٢ - ١٢٢. ويذكر على مبارك منطقة باسم شبرا دمنهور ويعدها جزءا من مدينة دمنهور غربى فرع السكة الحديدية الرئيسى بين القاهرة والإسكندرية. وهى غير المقصود هنا بطبيعة الحال. الخطط التوفيقية: ١٢٢:١٢.