للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليه، فخاف من كان معه من الأمراء الّذين كانوا مع همام أخى ضرغام ولحقوا بالقاهرة فانهزم هزيمة قبيحة. فسرّ بذلك ضرغام، وأحضر قاضى القضاة وأمره بحمل ما فى مودع الحكم من مال الأيتام؛ فحملها إليه.

وكان شاور لمّا انهزم سار إلى بركة الحبش وصار إلى الرّصد فملك ما هنالك، وأخذ مدينة مصر وأقام بها أيّاما، ولم يبق مع شاور وشيركوه من الأمراء الذين كانوا مع همام سوى شمس الخلافة محمّد وأولاد سيف الملك الجمل وابن ناصر الدّولة وأولاد حسن؛ فقيّد شيركوه ابن شمس الخلافة دون النّاس كلهم.

وكره النّاس من ضرغام أخذه أموال الأيتام مع ما سبق منه من قتل الأمراء وغيرهم، وعلموا عجزه عن شاور.

وكان شاور يركب كلّ يوم فى مصر ويؤمّن أهلها ويمنع الأتراك من التّعرّض إليهم، فمال النّاس إليه. وبلغهم عن ضرغام أنّه يتوعّدهم إذا ظفر بشاور أنّه يحرق مصر على أهلها من أجل أنّهم أمكنوا شاورا من دخول البلد وباعوا عليه وعلى من معه. فتحول شاور عن مصر ونزل اللّوق، وطارد خيل ضرغام وقد خلت المنصورة والهلاليّة وثبت أهل اليانسية فقاتل الناس قتالا خفيفا. وصار شاور وشيركوه إلى باب سعادة وباب القنطرة من أبواب القاهرة، وطرحوا النّار فى اللّؤلؤة وما حولها من الدّور. وكانت وقعة عظيمة بين الفريقين قتل فيها من العسكرين خلق كثير.

فلمّا كان الليل اجتمع مقدّمو الرّيحانيّة وفد فنى منهم كثير، وأرسلوا إلى شاور يطلبون الأمان - وكان قبل ذلك يبعث إليهم ويستميلهم - فأمنهم.

ولمّا رأى الخليفة العاضد انحلال أمر ضرغام بعث يأمر الرّماة بالكفّ عن الرّمى، فخرج الرّجال إلى شاور فى الصّباح، فسرّ بهم. وفترت همّة أهل القاهرة، وأعمل كلّ منهم الحيلة فى الخروج؛ وخرج ضرغام ومعه جماعة إلى خارج القاهرة، وجعلوا يتردّدون من باب إلى باب، وفيهم ابن ملهم وابن فرج الله وصارم بن أبى الخليل وجماعة مذكورون، فكانوا يطاردون من طاردهم. وأمر ضرغام بضرب البوقات والطّبل على الأسوار