للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإقطاعاتهم. ويرتّب مولانا من أجناد الدّيار المصريّة من ينتفع به، ولا يقيم وزيرا تثقل وطأته ويشارك الخليفة فى أمره، بل يجعل صاحب وساطة بين النّاس وبين الخليفة.

وقالت (١) الطائفة الأخرى لا وحقّ الله، ما يكون وزير مولانا إلا ابن أخى وزيره الّذى هو منه وإليه، يعنون صلاح الدّين، وإذا بقى المذكور أقام معه قراقوش وغيره من المعتبرين.

وكذلك وقع فى عسكر أسد الدّين، فإن شهاب الدّين محمود الحارمى، خال صلاح الدّين، والأمير عبد الدّولة ياروق الياروقى وأخاه الأمير بهاء الدّولة والأمير قطب الدّين خسرو بن تليل، والأمير سيف الدّين على بن أحمد الهكّارى (٢) المشطوب طلب كل منهم الوزارة لنفسه وجمع أصحابه ليغالب عليها.

واجتمع مماليك أسد الدّين، وهم خمسمائة، على صلاح الدّين وطلبوا وزارته، وتحدّثوا بأنّ أسد الدّين أوصى إليه، فبعث العاضد إليهم وسأل الأمراء من يصلح للوزارة؛ فسار إليه شهاب الدّين محمود الحارمى وأرشده إلى تولية صلاح الدّين (٣). وكان العاضد قد مال إليه وقال لأصحابه من الأستاذين وغيرهم لما اختلفوا، كما تقدّم ذكره، والله إنّي لأستحى من تسريح صلاح الدّين وما بلغت غرضا فى حقّه لقرب عهد مقام عمّه.

فأرسل إليه وخلع عليه خلع الوزارة بالعقد والجوهر، وحنّكه، ونعته بالملك النّاصر، وذلك فى يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من جمادى الآخرة (٤).


(١) فى الأصل: وكانت. وهى لا تناسب السياق.
(٢) نسبة إلى قلاع الهكارية، وهى بلدة وناحية وقرى فوق الموصل فى بلدة جزيرة ابن عمر. والهكارية جماعة من الأكراد سكنوا هذه المنطقة فعرفت باسمهم. معجم البلدان: ٤٦٩:٨.
(٣) يقول ابن أبى طى: «وكان الحارمى أولا قد رغب فى الوزارة وتحدث فيها، وحصل ما يحتاجه، فلما رأى مزاحمة عين الدولة ابن ياروق وغيره عليها خاف أن يشتغل بطلبها فتفوته، وربما فاتت صلاح الدين، فأشار به لأنها إذا كانت فى ابن اخته كانت فى بيته». كتاب الروضتين: ٤٣٨:١ - ٤٣٩.
(٤) جاء فى نهاية الأرب للنويرى أن جماعة من خواص العاضد أشاروا عليه أن يولى صلاح الدين الوزارة، وقالوا إنه أصغر الجماعة سنا ولا يخرج من تحت أمر أمير المؤمنين، فإذا استقر وضعنا على العساكر من يستسيلهم إلينا، فيبقى عندنا من الجند من نتقوى به، ثم نأخذ يوسف بعد ذلك أو نخرجه، فإن أمره أسهل من غيره. ويذكر صاحب النجوم مثل هذا القول ويضيف: «فإنه ظن أنه إذا ولى صلاح الدين وليس له عسكر ولا رجال كان فى ولايته مستضعفا يحكم عليه ولا يقدر على المخالفة، وأنه يضع على العسكر من يستميلهم، فإذا صار معه البعض أخرج الباقين، وعنده (عند الخليفة) من العساكر الكتامية من يحميها (مصر) من الفرنج ونور الدين». النجوم الزاهرة: ١٧:٦.